يؤيد ذلك - إذا استظهر من الرواية كون " فاطمة بنت أبي حبيش " امرأة واحدة - أنها أتت مرة أم سلمة في زمان كانت ذاكرة لعدد أيامها ووقتها من الشهر، و أخرى أتت النبي صلى الله عليه وآله وسلم بعد طول مدة الدم ونسيانها لهما، كما يشهد به قوله " و كان أبي يقول: إنها استحيضت سبع سنين " وثانيهما أن المراد منه هي التي كانت لها أولا أيام مضبوطة وكانت ذات عادة مستقرة عددا ووقتا، ثم اختلط الأيام وتقدمت وتأخرت وزادت ونقصت ثم استمر عليها الدم، ويشهد لهذا الاحتمال - بعد منع كون فاطمة امرأة واحدة طرأت عليها الحالتان، لما تقدم من ظهور الرواية في كون ما ذكرت فيها مرأتين مسميتين بفاطمة وأن أباهما كان مكنى بأبي حبيش - قوله " زادت ونقصت " فإن الظاهر منه أن الزيادة والنقص إنما عرضتا للأيام المتقدمة، فكانت الأيام أولا مضبوطة غير مختلفة، ثم صارت مختلفة ناقصة تارة وزائدة أخرى، وهذا المعنى لا يتصور في مستمرة الدم. ويؤيده قوله في ما بعد " وإن اختلطت الأيام عليها وتقدمت و تأخرت " فإن التقدم والتأخر المنسوبين إلى الأيام لا يتصوران إلا قبل استمرار الدم. ويشهد بذلك قوله " أغفلت " بصيغة إفعال، فإن معنى " أغفل الشئ " أهمله وتركه، على ما في المنجد، وفي الصحاح: أغفلت الشئ إذا تركته على ذكر منك.
فالعدول عن " غفلت عن عددها " إلى " أغفلت عددها " لأجل أن أيامها كانت مضبوطة و كانت آخذة بعددها وموضعها من الشهر، ثم اختلطت فزادت ونقصت وتقدمت و تأخرت، حتى تركت الأيام المضبوطة وأهملها، فحينئذ تكون الرواية متعرضة لقسم من المضطربة.
ولا ينافي ما ذكرناه بعض فقراتها كقوله " إن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها " لأن مختلطة الأيام بما ذكرنا أيضا لا تعرف عددها لأن أيامها زادت ونقصت، ولا وقتها لتقدمها وتأخرها، ولا يبعد أن يكون أرجح الاحتمالين هو الثاني كما استظهر المحقق الخونساري ظاهرا وإن ضعفه شيخنا الأعظم قائلا: إن عدة مواضع من الرواية تأبى عن ذلك، ولم يتضح