موارد الإباء.
نعم ربما يأباه قوله " ثم اختلط عليها من طول الدم " فإن الظاهر منه أن طول الدم واستمراره صار سببا للاختلاط، وهو لا ينطبق إلا على النسيان. ويمكن أن يقال: إن المراد من طول الدم ليس طول استمراره بل المراد أن طول سني رؤيته أوجب الاختلاط، لأن في أوائل الأمر لما كان الرحم معتدلة سليمة كانت تقذف مضبوطا عددا ووقتا، ثم بعد طول الزمان صارت ضعيفة فخرج قذفها عن الاعتدال والانضباط. و هذا التوجيه وإن كان لا يخلو من خلاف ظاهر لكنه أهون من رفع اليد عن قوله " زادت ونقصت تقدمت وتأخرت " أو توجيهه بوجه بعيد، بل لا يبعد أن يكون التعبير بطول الدم دون استمراره لإفادة ذلك.
وكيف كان فيظهر من التأمل في فقرات الرواية أن أبا عبد الله الصادق عليه السلام استشهد على حكم من كان لها أيام متقدمة ثم اختلطت عليها كما هو مفروض كلامه بالسنة التي سن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم في واقعة فاطمة باعتبار عدم إرجاعها إلى العادة وإرجاعها إلى التمييز، فاستفاد من ذلك أن هذه امرأة اختلط عليها أيامها لم تعرف عددها ولا وقتها مما هي معتبرة في الرجوع إلى العادة، فعدم الارجاع إليها شاهد على اختلاط الأيام وعدم معرفتها بها، وإن لم يكن شاهدا على كون الاختلاط بعد ما كانت لها أيام مضبوطة متقدمة أو لا. ففتوى الصادق عليه السلام في الامرأة التي كانت لها أيام متقدمة ثم اختلطت لم يكن لأجل معلومية أن فاطمة بنت أبي حبيش كانت كذلك بل لأجل معلومية اختلاط أيامها وعدم معرفتها بها وكون دمها ذا تميز و إن لم يعلم أنها كانت ذات عادة منضبطة ثم اختلطت أيامها، كما يظهر من قوله " فهذا يبين أن هذه امرأة قد اختلط - الخ - ".
فمن أجل ذلك يستفاد أن تمام الموضوع للرجوع إلى الصفات هو الاختلاط و عدم المعرفة مع كون الدم ذا تميز، بل يظهر من التعبيرات المختلفة في الرواية تارة بالتي كانت لها أيام متقدمة ثم اختلط عليها، وأخرى بأن هذه امرأة قد اختلط عليها أيامها، من غير ذكر للأيام المتقدمة، وثالثة بقوله: إذا جهلت الأيام و