____________________
ثانيها: إنا لو سلمنا صدور الجزء الثاني من الكلام المشتمل على رواية حريز من الإمام فلا بد من حمله على التقية، لوضوح أن الإمام لا يحتاج في مقام إثبات الحكم الشرعي وبيانه إلى رواية مرسلة لحريز عن النبي صلى الله عليه وآله، فإن هذا لا يناسب مقامه ووضعه، فاعتماده على هذه الرواية المرسلة بضم قرينة شأن الإمام يكون ظاهرا في أنه في مقام التقية لا في مقام الجد.
وهذا الاشكال أيضا قابل للدفع، لأن ظاهر كلام الإمام الافتاء بجواز الوضوء بالنبيذ والاعتماد في ذلك على خبر حريز، والقرينة المذكورة إنما تكشف عن عدم الجدية في الأمر الثاني، وهو الاعتماد والاستدلال بخبر حريز، وأما الأمر الأول - وهو الافتاء بجواز الوضوء - فتبقى فيه أصالة الجد على حالها. والحاصل إن سقوط أصالة بقرينة ما في الاستدلال بالرواية لا يستلزم سقوطها في نفس الحكم المستدل عليه بذلك الدليل. ومرجع التقية في الاستدلال دون الحكم المستدل عليه إلى أن الإمام لو خلي وطبعه لأفتى بالحكم دون أن يستدل بخبر حريز، لأن فتواه بحكم كونه إماما مستغنية عن هذا الاستدلال، ولكن حيث أنه كان في مقام إثبات الحكم للغير مع اتقائه من حيث وصف الإمامة فاستدل بخبر حريز، فالاتقاء من حيث وصف الإمامة اقتضى سلوك نهج غير طبيعي في مقام الاستدلال، لا سلوك نهج غير طبيعي في أصل الافتاء بالحكم.
ثالثها: إن هذه الرواية دلت على جواز التوضئ بالنبيذ، والنبيذ لو كان متمحضا في النبيذ المضاف لكانت هذه الرواية أخص مطلقا مما دل على عدم جواز الوضوء في حالة فقدان الماء المطلق، من قبيل قوله تعالى ﴿فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا﴾ (1) ولكن النبيذ ليس كذلك، فإنه ببعض مراتبه
وهذا الاشكال أيضا قابل للدفع، لأن ظاهر كلام الإمام الافتاء بجواز الوضوء بالنبيذ والاعتماد في ذلك على خبر حريز، والقرينة المذكورة إنما تكشف عن عدم الجدية في الأمر الثاني، وهو الاعتماد والاستدلال بخبر حريز، وأما الأمر الأول - وهو الافتاء بجواز الوضوء - فتبقى فيه أصالة الجد على حالها. والحاصل إن سقوط أصالة بقرينة ما في الاستدلال بالرواية لا يستلزم سقوطها في نفس الحكم المستدل عليه بذلك الدليل. ومرجع التقية في الاستدلال دون الحكم المستدل عليه إلى أن الإمام لو خلي وطبعه لأفتى بالحكم دون أن يستدل بخبر حريز، لأن فتواه بحكم كونه إماما مستغنية عن هذا الاستدلال، ولكن حيث أنه كان في مقام إثبات الحكم للغير مع اتقائه من حيث وصف الإمامة فاستدل بخبر حريز، فالاتقاء من حيث وصف الإمامة اقتضى سلوك نهج غير طبيعي في مقام الاستدلال، لا سلوك نهج غير طبيعي في أصل الافتاء بالحكم.
ثالثها: إن هذه الرواية دلت على جواز التوضئ بالنبيذ، والنبيذ لو كان متمحضا في النبيذ المضاف لكانت هذه الرواية أخص مطلقا مما دل على عدم جواز الوضوء في حالة فقدان الماء المطلق، من قبيل قوله تعالى ﴿فلم تجدوا ماءا فتيمموا صعيدا طيبا﴾ (1) ولكن النبيذ ليس كذلك، فإنه ببعض مراتبه