قوة باعث السير، فيحتاج إلى تقوية الباعث بقطع ذلك الأثر ويسمى عزما، وهو الأصل الثاني، فالقصد يقويه (1) الإرادة الباعثة على الجد في السير، والعزم يقويه (2) الأدب الذي يظهر الخوف بصورة القبض، والرجاء بصورة البسط، ويراعى التوسط بينهما، فان اجتلاء قرب المقصد مما يوجب بسطا، يوجب اقدامه واستقبال (3) حضرة المحبوب، وهيبته (4) يستلزم قبضا يوجب احجامه والأدب بحفظ التوسط، ولذا يقوى العزم، فإذا صح عزمه ورقت حجب خلقيته وانقطع تلفته إلى الاحكام الكونية الموجبة للجهد والتودد، يظهر حكم الأصل الثالث وهو اليقين من حيث رتبته الثانية التي هي عين اليقين، ومعناه السكون بالاستغناء عن الدليل بشهود الفعل الوحداني الساري في كل شئ، وعلم اليقين السابق معناه السكون بما غاب، بناء على قوة دليله، وهو متعلق بمرتبة الاسلام وهذا بالايمان. واما حق اليقين: فباسفار (5) التجليات الصفاتية أولا وطلوع الشمس الذاتية في المرتبة الاحسانية، ويدخل في هذا القسم من اليقين الانس والذكر الباطني.
161 - 2 فإذا وصل الروح إلى هنا تخلص عن جميع قيود الانحرافات وظهر تجلى وحدة الفعل المضاف إلى ربها، وانتفت اثار المغالبة الواقعة بين رتبة السر والروح والنفس، فيصل حكم (6) ولا يزال العبد يتقرب إلى بالنوافل حتى أحبه، فيلقى السائر عصى تسياره وينتهى كربة غربته وأستاره، يتداركه الآثار الحبية فينقله من مقام الكون والبون إلى حضرة الصون والعون، فيتحقق بالفقر الذي هو الأصل الرابع، وهو الخلو الحقيقي عن جميع احكام الغيرية - حتى عن رؤية الخلو وعن نفى تلك الرؤية أيضا -