مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٥
حيث لك فكر ولا إشارة، لاتحادها بها من تلك الحيثية وحدة قدسية منزهة عن اعتباري (1) الصفة والموصوف، بل ذاتية لا يلاحظ العارف فيها غير المعروف، لكن لاشتمال معقوليتها
- الفاعلي من الأسماء الإلهية. وقوله: كما يطلب القوابل، إشارة إلى مقدمة أخرى وهى الطلب القابلي من الحقائق الكونية. وقوله: ليحصل نور على نور ويتحقق المجازاة الكبرى، إشارة إلى النتيجة وهى الوجود الإضافي. (ش) - نحمدك - ل. هذا يحتمل ان يكون إشارة إلى مقام فبي يسمع وبي يبصر وبي ينطق، وهو السير المحبي وقرب النوافل وتقدم السلوك على الجذبة، فحينئذ يكون الحق آلة لادراك العبد وهو أول مراتب الكمال، ويحتمل ان يكون إشارة إلى مقام قول الله على لسان عبده: سمع الله لمن حمده، وهو السير المحبوبي وقرب الفرائض وتقدم الجذبة على السلوك، فحينئذ يكون العبد آلة لادراك الحق وهو وسط مراتب الكمال، فعلى هذين الوجهين يكون الحمد صادرا من العبد ولكن لا بقوة بشرية، بل ربانية، وفي هاتين المرتبتين لا يخلو الحمد عن الانصباع باحكام الامكان، وان قلت وضعفت، لان انتفائها بالكلية مستحيل كما ذكره الشيخ مرارا في تفسيره. فالأولى حمل الحمد هنا على حمد منه تعالى لا بملامسة بالممكن، ويدل على هذا الحمد قوله: متحدا بك لا منقسما ولا مفصولا، بيانه: ان الله تعالى إذا حمد نفسه يتحد الحمد والحامد والمحمود في ذلك المقام، وهذا يحتمل حمده نفسه من حيث هويته القلبية واطلاقه ولا تعينه، ففي هذا المقام عدم الانقسام والتفصيل ظاهر لكن قول الشيخ: ليكون مستوعبا - إلى آخره، على جميع التعينات، فحمده له في هذا المقام تعريف وحمد يستغرق جميع المحامد ويستوعب جميع المحاسن والكمالات ويحيط بكل الفضائل والنعوت تماما ومنه ينبعث وينفصل جميع المحامد والكمالات وهو تعريف وحمد ذاتي للذات في أجلي مراتب حمد الحمد القائم بالذات. ففي هذا المقام يحمد ذاته بعين تعينه الذي هو أصل التعينات، ويعرف انه مسبوق باللا تعين، لان كل مقيد يدل على المطلق وعلى ان ما ورائه ما لا يتعين، أي يحمد نفسه بمحامد سببية وكمالات تنزيهية، أي في مقام الاطلاق ولا في مقام التعين الأول، يحمد بأحدية جمع جميع الكمالات لا سببية كانت أو ثبوتية.
وقوله: اللهم صلى على من وجدنا في قصدنا نحوك به إليك سبيلا (في خطبة المفتاح): الصلاة بالاشتقاق الكبير الذي يعتبره المحققون في علم الحروف من الوصلة والصلة والصولة والصلاة، والمعنى المشترك بينها الارتباط، فاما الوصلة: فاتصال مجتمعين، واما الصلة: فاتصال عطاء مرغوب من المعطى إلى المعطى له، واما الصولة: فاتصال باتصال حركة قهرية استيصالية ممن يصول إلى من يصول عليه. واما الصلاة: فان يكن الصلا، فإذا كان الصلاة من الله فهو توصل العبد الكامل به بالتجلي والتنزل، والله له رحمة وحنانا وافضالا واحسانا ولطفا ورضوانا وتجعله خليفة له على الخليفة ومصليا، أي تابعا للحق المستخلف في الظهور بصورته وبالمظهرية الكاملة في الذات والأسماء والصفات، وتعطيه الصولة من حوله وقوته على الأعداء، ولا يخفى ان حقيقته - صلى الله عليه وآله - أصل الحقائق وبالصلاة عليه يحصل المناسبة، ولا بد للجزژ من الاتصال بالكل وللفروع والشعب من الرجوع إلى الأصل لئلا يحصل الانقطاع من شرب زلال الوصل، لأنه (ص) ممد الهمم من وجهين، والفائدة راجعة إلى المصلى من وجه وإلى خاتم الأنبياء من وجه، لان كمال الكل بكمال الاجزاء ومباهاته بكثرة آلامه - ولو بسقط - ظاهرة يوم القيامة، خصوصا بالكامل منهم وبه يكمل فخره في مقام هدايته. (فتح المفتاح - ف).
(1) - الطلب الذي تضمنه التجلي الحبى الذي هو منبع الفعل والاخر الطلب الاستعدادي الكوني بصفة القبول الذي هو مظهر الفعل - ق