مصباح الأنس بين المعقول والمشهود - محمد بن حمزة الفناري - الصفحة ٤
ذكر ولا عبارة، ويقتضيه كنه حقائق كمالاتك الصفاتية التي لا تبلغ شأو (1) شمة منها من
- لا الحقيقي ولا النسبي، لا الوجودي ولا المفهومي العلمي - وانما التميز في التعبير، كعبارة العلم والوجود والنور والشهود، فجميع الكمالات في ذلك المقام متحدة بالذات - وحدة قدسية ذاتية بلا غيرية - وتميز نسبى علمي وتفصيل حقيقي علمي بينهما، فلا كثرة هناك بوجه، وإلى ما ذكرنا أشار الشارح بقوله: ويقتضيه كنه حقايق كمالاتك... إلى قوله: لكن لاشتمال.
ثم لما كان ظهور ذاته لذاته بذاته مستلزما ومتضمنا لظهور سائر الصفات التي يلزم الذات وشعورها، لكونها عين الذات بهذا الاعتبار، فيتضمن ذلك الشعور شعور ما يستلزم تلك الصفات من الأحكام الخاصة التي لكل واحد منها، فالظهور المذكور مستلزم لشهود الذات نفسه من حيث وحدته لجميع شؤونها نزولا وعروجا - دنيا وآخرة - شهود مفصل في مجمل - دفعة واحدة - وذلك الشهود - أي شهود المفصل مجملا في الأحدية - من الشهود العلمي الذاتي الذي يقال به انه سبحانه علم جميع الأشياء من عين علمه بذاته، كشهود النخلة وثمرها وما يتبعها في النواة الواحدة التي حصل الكل بغرسها لمن يقدر بالكشف وغيره ان يرى ذلك لا في عين الخارج ولا في صورة الحضرة العلمية بالتفصيل، فالنظر بعلمه الذاتي في الكمال الذاتي الاطلاقي لما كان موجبا لمشاهدة كمال اخر مستكن، وهو الكمال الأسمائي، فحصلت رقيقة عشقية نزيهة بين الكمال الذاتي والكمال الأسمائي المندمج في حضرة الوحدة الحقيقية، فاستتبعت تلك النظرة العلمية المقدسة انبعاث تجل اخر حتى متعلق بما شاهده العلم الذاتي وحواه الغيب لطلب ظهوره، فتجلى فظهر الذات لنفسها بشئونها مع مظاهر الشؤون المسماة صفات وحقائق، فتفصت الحقائق من الفاعلة الإلهية والكونية القابلة متميزة، فشهد المفصل مفصلا بالتفصيل العلمي وبالكثرة العلمية الامتيازية النسبية، ففي هذا التعين الثاني والحضرة الواحدية تفصيل حقيقي علمي وكثرة حقيقية بالنسبة إلى الموجد العالم، ولأجل مرور ذلك التجلي الحبى والفيض الأقدس على جميع التعينات العلمية والحقائق وتمخضها وتحركها بتلك الحركة القدسية وانتشاء البواعث العشقية بتلك المخضة من تلك التعينات، أي جميع الحقائق تطلب تلك الحقائق من الحق ظهور أعيانها وما فيه كمالها على حسب الاستعداد والقبول للتجلي الوجودي، فحينئذ حصلت مقدمتان وظهرت الطلبتان حتى يتحقق النتيجة، لان المقدمة الواحدة غير منتجة، أحدهما الطلب الذي تضمنه التجلي الحبى الذي هو منبع الفعل من الأسماء والحقائق الإلهية، وثانيهما الطلب الاستعدادي الكوني لصفة القبول الذي هو مظهر الفعل من الحقائق الكونية، وتعين الطلب الإلهي حين تعين الطلب الكوني، وعند تعين الطلبين يتجلى الحق تعالى بفيضه المقدس، فيظهر المطلوب بالظهور الوجودي العيني ويتحقق المجازاة الكبرى بين الحق والماهيات القابلة التي هي شؤونه بأخذ التعين واعطاء الوجود الإضافي العيني، فان الايجاد عبارة عن تعين الحق بصورة تقتضيها تلك الحقيقة العلمية، اما كونها كبرى: فلان أصل تكليف العباد والمجازاة المترتبة عليه مبنى عليها، كما أشار الشارح المحقق بقوله: التي يترتب عليها ثمرات النشأتين... إلى اخره.
وإلى ما بيناه وفصلنا أشار بقوله: لكن لاشتمال معقوليتها على نسبة رابطة... إلى قوله: فالحمد بالألسنة الخمسة، فقوله: نسبة رابطة وحكمة ضابطة، إشارة إلى ما ذكرنا من الرقيقة العشقية النزيهة المتصلة بين الكمال الذاتي والاسمائي، وعلمت ان منشأ تلك الرقيقة شهود الحق بنظره العلمي الذاتي الأزلي نظر تنزه كماله الذاتي المستتبع لانبعاث تجلى غيبي حبى لكمال اخر وهو كمال الجلاء والاستجلاء، وأشار الشارح إلى ذلك المنشأ بقوله:
لكن لاشتمال معقوليتها، فافهم.
وقوله كثرة نسبية: قد علمت تفصيلها. وقوله: طالبة مظاهر، إشارة إلى إحدى المقدمتين، أي الطلب - (1) - أي: الغاية. شيئا - ط