698 - 3 واما صلاحية تعين الاحكام به فليست من حيث هو هو، إذ ليس له الا الاظهار، بل من حيث تعينه سبحانه في مراتبه الحاصلة من الحقائق المرتبة، ولذا قال الشيخ الكبير رضي الله عنه: فيها يتنوع الحق في المجلى فتتنوع الاحكام عليه، وأوضح ذلك في الشرح بقوله: أو ظهرت الأعيان فيه بحسبها، أي لا بحسبه، غير أن اسناد الشارح الظهور إلى الأعيان انما هو من بعض الوجوه والاعتبارات، لما مر من نصوص الشيخ قدس سره: ان الأعيان لم تظهر ولا تظهر ابدا، وهو الموافق للفظ مفتاح الغيب هنا انه لم يستند إلى الأعيان أو احكامها الظهور، بل أسند إلى الاحكام صلاحية التعين بالوجود الحق، فالظهور ليس الا للحق واما ما للحقائق أو المراتب، فالتعين ليس الا اما للوجود واما للأحكام بتوسط تعينه، لذا قال: أنت مراته وهو مرة أحوالك، فان تعين المنتقش في المراة ليس الا بحسبها كما مر، وانما زدنا الصلاحية في طرف الاحكام اشعارا بقابليتها بخلاف طرف الوجود الحق سبحانه، فإنه فاعل.
699 - 3 ثم نقول: والمراتب الوجودية أو الأعيان بحسبها تنقسم بنحو من القسمة قسمين: قسم لا حكم للامكان فيه الا من وجه واحد، أي من جهة حقيقته الامكانية فلا يتوقف قبوله الوجود من موجده على شرط غير الحق سبحانه، والا لتعدد حكم امكانه بالواسطة، فمن احكام هذا القسم ان له الأولية الوجودية والقرب التام من الحق سبحانه في حضرة الأحدية، والدوام بحسب دوامه سبحانه كما مر، ويختص به (1) من الأرواح الملكية اثنان ومن الروحانيات البشرية طائفتان.
700 - 3 اما أول الملكية فالقلم الاعلى الذي هو العقل الأول - وقد مر تعريفه - لأنه أول عالم التدوين والتسطير فلا واسطة بينه وبين الحق (2)، قال عليه وآله السلام: أول ما خلق الله القلم، وفي رواية: العقل، وفي رواية: نوري، يعنى انه أول في نظام الكائنات، فإنه منبع نقوشها وعاقل كمالات خالقه، واصل الظهور المقصود كمال الجلاء والاستجلاء بظهور الكمال المحمدي.