العرب من هذا الطب كثير وكان فيهم أطباء معروفون كالحارث بن كلدة وغيره.
" والطب المنقول في الشرعيات من هذا القبيل وليس من الوحي في شئ. وإنما هو أمر كان عاديا للعرب. ووقع في ذكر أحوال النبي صلى الله عليه وسلم من نوع ذكر أحواله التي هي عادة وجبلة لا من جهة أن ذلك مشروع على ذلك النحو من العمل فإنه صلى الله عليه وسلم إنما بعث ليعلمنا الشرائع ولم يبعث لتعريف الطب ولا غيره من العاديات. وقد وقع له في شأن تلقيح النخل ما وقع فقال أنتم أعلم بأمور دنياكم. فلا ينبغي أن يحمل شئ من الطب الذي وقع في الأحاديث المنقولة على أنه مشروع. فليس هناك ما يدل عليه اللهم إلا إذا استعمل على جهة التبرك وصدق العقد الايمانية فيكون له أثر عظيم في النفع وليس ذلك في الطب المزاجي، وانما هو من آثار الكلمة الايمانية، كما وقع في مداواة المبطون بالعسل. والله الهادي إلى الصواب لا رب سواه ".
وعبارة ابن خلدون فيها شئ من الوقاحة إذ يصف الطب النبوي بأنه من قبيل طب البادية المبني على تجربة قاصرة والمتوارث عن مشايخ الحي وعجائزه.. كما أن التعبير عن الطب النبوي بأنه غير مشروع أمر غامض والمشروع يندرج تحته الواجب والمندوب والمباح.
وكون رسول الله لم يبعث ليعلمنا الطب لا يعني أنه يقول في الطب وفي غيره من العاديات بجهل.. وهو أكمل الخلق وأرجحهم عقلا.. وقد وهبه الله من المعارف اللدنية الربانية التي جعلته لا يقول الا حقا في هزل وفي جد..
ويزعم ابن خلدون أن علاج المبطون الذي أصيب بالاسهال بالعسل ليس إلا من قبيل التبرك وصدق العقد الايماني.. ونحن نعلم الآن أن العسل من خير الأدوية لحالات الاسهال الشديدة.. فهو سهل الهضم سريع الامتصاص من جدار الأمعاء والمعدة لا يسبب تخمرا مثل السكريات الثنائية (السكر العادي)..
وهو شفاء للمبطون كما أنه شفاء لمن يعاني من أمراض الكبد..
ويستخدم العسل كذلك لادرار البول.. وكمنفث وطارد للبلغم.. ويدخل في