هذه العالمية من كلامه هو ومن بنات أفكاره، شأنه في ذلك شأن التدليل على عدم ضرورة الختان وعلى كثير من التعاليم (1).
وقد قلنا آنفا إن عالمية المسيحية كانت نقطة التحول في تاريخ هذه الديانة، وذلك لأن فتح باب هذه الديانة لجميع العناصر ألزم بولس أن يدخل على ديانته تعليمات أخرى تزيل الهوة بين ديانات بني إسرائيل وأفكار الأمم المختلفة الذين فتح لهم باب المسيحية، وبخاصة الوثنيون الأوربيون واليونانيون، وأتباع ديانة متراس وغيرهم، ولهذا قال بولس بالتثليث، وبنزول عيسى ليكفر بنفسه عن خطيئة البشر، وبعدم ضرورة الختان، وغير ذلك من العقائد والشعائر التي لها صلة بديانات هذه الأمم واتجاهاتها، فتدفق الغربيون لذلك على دين بولس بينما نفر الشرقيون، وكان هذا سببا في نقل المسيحية من دين شرقي إلى دين غربي تقريبا.
وعمدت مهارة بولس إلى إرضاء طبقة السادة والطبقة الحاكمة فجعل طاعتهم دينا كإطاعة المسيح، قال للعبيد (أيها العبيد أطيعوا سادتكم حسب الجسد بخوف ورعدة في بساطة قلوبكم كما للمسيح لا بخدمة العين كمن يرضى الناس بل كعبيد المسيح عالمين مشيئة الله من القلب، خادمين بنية صالحة كما للرب ليس للناس (3)). ويقول في رسالة أخرى (جميع الذين هم عبيد تحت نير فليحسبوا سادتهم مستحقين كل إكرام لئلا يفترى على اسم الله وتعليمه (3) ويكتب إلى تلميذه تيطس (ذكرهم أن يخضعوا للرياسات والسلاطين ويطيعوا (4).
وعلى هذا شهد العقد الرابع والخامس من الميلاد المسيحي دين عيسى وهو يذبل، وتفنى بعض مراجعه ويختفي البعض الآخر، ويتشتت أتباعه