ويقول Wells في مكان آخر (1):
من الراجح جدا أن بولس تأثر بالمثرائية. إذ هو يستعمل عبارات قريبة الشبه بالعبارات المثرائية، ويتضح لكل من يقرأ (رسائله) المتنوعة جنبا إلى جنب مع الأناجيل، أن ذهنه كان مشبعا بفكرة لا تبدو قط بارزة قوية فيما نسب لعيسى من أقوال وتعليم، ألا وهي فكرة الشخص الضحية الذي يقدم قربانا لله كفارة عن الخطيئة. فما بشر به عيسى كان ميلادا جديدا للروح الإنسانية، أما ما بشر به بولس فكان الديانة القديمة، ديانة الكاهن والمذبح وسفك الدماء طلبا لاسترضاء الآلهة. كان عيسى في نظره حمل عيد الفصح، تلك الضحية البشرية المأثورة المبرأة من الدنس أو الخطيئة.
ولا زلنا على ذكر بما نقلناه من قبل عن Berry الذي يكرر عدة مرات أن المسيحية الحالية مسيحية بولس، وأنها ديانة وهو منشئها، ولعل من الخير أن نعيد هنا عدة سطور مما سبق أن أوردناه، ليكون موضوعنا أكثر وضوحا، يقول Berry: (وكان عيسى يهوديا وقد ظل كذلك أبدا، ولكن شاءول كون المسيحية على حساب عيسى، فشاءول هو في الحقيقة مؤسس المسيحية، وقد أدخل بولس على ديانته بعض تعاليم اليهود ليجذب له العامة من اليهود، كما أدخل صورا من فلسفة الإغريق ليجذب أتباعا له من اليونان، فبدأ يذيع أن عيسى منقذ ومخلص وسيد (Lord) استطاع الجنس البشري بواسطته أن ينال النجاة، وهذه الاصطلاحات التي قال بها بولس كانت شهيرة عند كثير من الفرق وبخاصة في Mithras و Cybele فانحاز أتباع هذه الفرق إلى ديانة بولس، وعمد كذلك - ليرضي المثقفين اليونان - فاستعار من فلاسفة اليونان وبخاصة الفيلسوف (Philo) فكرة اتصال الإله بالأرض عن طريق الكلمة (the Loges) أو ابن الإله (The Son of God) أو الروح القدس (The Holly Ghost) (2)