من قبل، بل هو تكوين آخر، إنه ابن الله الأزلي، وهو كالأب أزلي أيضا، فليس بينه وبين الله فرق في الزمن، والله الأب غضب على الجنس البشري بسبب خطاياهم وبخاصة خطيئة أبيهم آدم التي أخرجته من الجنة، ولكن مع غضب الله على الجنس البشري فهو رحيم، يريد أن يمحو هذا الذنب ويعيد رضاه عن الناس، فأرسل ابنه ووحيده إلى الأرض حيث دخل رحم مريم العذراء البتول، وولد كما يولد الأطفال، وتربى كالأطفال حتى بدا إنسانا كالبشر، ثم صلب ظلما على الصليب، لا لأنه ارتكب خطأ في حق الرومان أو اليهود، بل ليكفر عن إثم آدم الذي أصبح المسيح كأنه أحد أبنائه، فكأنه احتمل بعض مسؤولية عصيان أبيه آدم (1)، وسيجئ فيما بعد مزيد من التفصيل لهذا الموضوع.
ويرى المسيحيون أن وفود الملائكة بدأت تظهر في الجو مسبحة في الحقول المجاورة لبيت لحم عقب مولد المسيح، وأن نجما لاح في السماء يشير بمولد المخلص، وأن جماعات المجوس تبعوا ذلك النجم الذي هداهم إلى مكان ولادته فرأوا الطفل وسجدوا له (2)، وأن هيرودوس ملك اليهود لما علم بذلك خاف على ملكه من المولود الجديد فأصدر أمره بقتل كل مواليد بيت لحم، ولكن الله أوحى إلى يوسف النجار أن يأخذ الطفل وأمه ويذهب إلى مصر (3) فأخذهما وحل بهما في دير المحرق بجبل قسقام بمحافظة أسيوط، حيث أقاموا بضعة أشهر، حتى جاء الوحي مرة أخرى ينبئ يوسف بأن ملك اليهود هذا قد هلك، ويأمره بالعودة إلى فلسطين (4)، فقاموا ومروا في طريقهم بالمطرية واستظلوا فترة بشجرة سميت منذ ذاك بشجرة العذراء. ولم يتفق المؤرخون