والآن هيا بنا إلى أحد المفكرين الغربيين الذي يبين لنا في المسيحية اتجاها يكاد يكون عاما لهؤلاء المفكرين:
يقول Berry:
في رأي الكنيسة أن المسيح الإله انقلب فأصبح إنسانا وعاش مع الناس كواحد منهم ليعلمهم مثلي للعيش، وقتل هذا الإله بمؤامرة دبرها أعداؤه ودفن ثم خرج من قبره وصعد للسماء وقد احتمل هذه الآلام لينقذ المؤمنين به من الخطيئة... فالذي يدرس هذه المسيحية يجدها اقتباسات من الوثنية واليهودية والحياة الشرقية والرومانية ويجد بها عناصر أجنبية كثيرة بارزة بها كاملة أو محرفة. فمن الأفكار الفلسفية الإغريقية التي اقتبستها المسيحية (الكلمة) وهي ترادف (الإله) عند الإغريق لأن الكلمات لا تفنى بالاستعمال كما لا يفنى الإله... ومن اليهودية اقتبست المسيحية فكرة الأبوة بين الله والناس أي فكرة أبوة الإله للخلق، وفكرة الإخوة بين الناس، كما اقتبست المثالية التي تكلمت عنها اليهودية (وإن لم يتبعها اليهود) وهي الحب والرحمة والعدالة، ومن الحياة الشرقية اقتبست المسيحية الفنون والرسوم التي ازدانت بها الكنائس، كما اقتبست استعمال الفسيفساء والصور والبخور والأنغام، أما الحياة الرومانية فقد اقتبست الكنيسة منها النظم التي اتبعتها لتوزيع السلطان. وسيأتي مزيد من التفاصيل عن هذه الاقتباسات.
وليس من المقطوع به أن عيسى شخص تاريخي، بل إن ذلك مجرد احتمال.
ولم يبدأ التاريخ الميلادي من ميلاد المسيح كما يظن، بل إنه ولد في عهد أوغسطوس أي في العام الرابع قبل التاريخ الميلادي في بلدة الناصرة بفلسطين، وأمضى الثلاثين السنة الأولى من حياته في حانوت التجارة الذي كان يملكه أبوه يوسف النجار، ويؤيد علم الآثار القديمة بعض التأييد الرأي القائل بأنه