الخلاف الثاني في مرضه أنه قال جهزوا جيش أسامة لعن الله من تخلف عنه فقال قوم يجب علينا امتثال أمره وأسامة قد برز من المدينة وقال قوم قد اشتد مرض النبي عليه الصلاة والسلام فلا تسع قلوبنا مفارقته والحالة هذه فنصبر حتى نبصر أي شئ يكون من أمره وإنما أوردت هذين التنازعين لأن المخالفين ربما عدوا ذلك من الخلافات المؤثرة في أمر الدين وليس كذلك وإنما الغرض كله إقامة مراسم الشرع في حال تزلزل القلوب وتسكين نائرة الفتنة المؤثرة عند تقلب الأمور الخلاف الثالث في موته عليه الصلاة والسلام قال عمر بن الخطاب من قال إن محمد قد مات قتلته بسيفي هذا وإنما رفع إلى السماء كما رفع عيسى عليه السلام وقال أبو بكر بن أبي قحافة رضي الله عنه من كان يعبد محمدا فإن محمدا قد مات ومن كان يعبد إله محمد فإن إله محمد حي لم يمت ولن يموت وقرأ قول الله سبحانه وتعالى * (وما محمد إلا رسول قد خلت من قبله الرسل أفإن مات أو قتل انقلبتم على أعقابكم ومن ينقلب على عقبيه فلن يضر الله شيئا وسيجزي الله الشاكرين) * فرجع القوم إلى قوله وقال عمر رضي الله عنه كأني ما سمعت هذه الآية حتى قرأها أبو بكر الخلاف الرابع في موضع دفن عليه الصلاة والسلام أراد أهل مكة من المهاجرين رده إلى مكة لأنها مسقط رأسه ومأنس نفسه وموطىء قدمه وموطن أهله وموقع رحله وأراد أهل المدينة من الأنصار دفنه بالمدينة لأنها دار هجرته ومدار نصرته وأرادت جماعة نقله إلى بيت المقدس لأنه موضع دفن الأنبياء ومنه معراجه إلى السماء ثم اتفقوا
(٢٣)