الفصل الثالث الصفاتية اعلم ان جماعة كبيرة من السلف كانوا يثبتون لله تعالى صفات أزلية من العلم والقدرة والحياة والإرادة والسمع والبصر والكلام والجلال والاكرام والجود والانعام والعزة والعظمة ولا يفرقون بين صفات الذات وصفات الفعل بل يسوقون الكلام سوقا واحدا وكذلك يثبتون صفات خبرية مثل اليدين والوجه ولا يؤولون ذلك الا انهم يقولون هذه الصفات قد وردت في الشرع فنسميها صفات خبرية ولما كانت المعتزلة ينفون الصفات والسلف يثبتون سمي السلف صفاتية والمعتزلة معطله فبالغ بعض السلف في اثبات الصفات إلى حد التشبيه بصفات المحدثات واقتصر بعضهم على صفات دلت الافعال عليها وما ورد به الخبر فافترقوا فرقتين فمنهم من أوله على وجه يحتمل اللفظ ذلك ومنهم من توقف في التأويل وقال عرفنا بمقتضى العقل ان الله تعالى ليس كمثله شيء فلا يشبه شيئا من المخلوقات ولا يشبه شيء منها وقطعنا بذلك الا انا لا نعرف معنى اللفظ الوارد فيه مثل قوله تعالى * (الرحمن على العرش استوى) * ومثل قوله * (خلقت بيدي) * ومثل قوله * (وجاء ربك) * إلى غير ذلك ولسنا مكلفين بمعرفة تفسير هذه الآيات وتأويلها بل التكليف قد ورد بالاعتقاد بأنه لا شريك له وليس كمثله شيء وذلك قد أثبتناه يقينا
(٩٢)