والاختلاف في الإمامة على وجهين أحدهما القول بأن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار والثاني القول بأن الإمامة تثبت بالنص والتعيين فمن قال أن الإمامة تثبت بالاتفاق والاختيار قال بإمامة كل من اتفقت عليه الآمة أو جماعة معتبرة من الأمة إما مطلقا وإما بشرط أن يكون قرشيا على مذهب قوم وبشرط أن يكون هاشميا على مذهب قوم إلى شرائط أخرى كما سيأتي ومن قال بالأول قال بإمامة معاوية وأولاده وبعدهم بخلافة مروان وأولاده والخوارج اجتمعوا في كل زمان على واحد منهم بشرط أن يبقى على مقتضى اعتقادهم ويجرى على سنن العدل في معاملاتهم وإلا خذلوه وخلعوه وربما قتلوه ومن قالوا أن الإمامة تثبت بالنص اختلفوا بعد على رضى الله عنه فمنهم من قال إنه نص على ابنه محمد بن الحنفية وهؤلاء هم الكيسانية ثم اختلفوا بعده فمنهم من قال إنه لم يمت ويرجع فيملأ الأرض عدلا ومنهم من قال أنه مات وانتقلت الإمامة بعده إلى ابنه أبى هاشم وافترق هؤلاء فمنهم من قال الإمامة بقيت في عقبه وصية بعد وصية ومنهم من قال إنها انتقلت إلى غيره واختلفوا في ذلك الغير فمنهم من قال هو بنان ابن سمعان النهدي ومنهم من قال هو على بن عبد الله بن عباس ومنهم من قال هو عبد الله بن حرب الكندي ومنهم من قال هو عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر ابن أبى طالب وهؤلاء كلهم يقولون إن الدين طاعة رجل ويتأولون أحكام الشرع كلها على شخص معين كما ستأتي مذاهبهم وأما من لم يقل بالنص على محمد بن الحنفية فقال بالنص على الحسن والحسين رضى الله عنهما وقال لا إمامة في الأخوين إلا الحسن والحسين رضى الله عنهما ثم اختلفوا فمنهم من أجرى الإمامة في أولاد الحسن فقال بعده بإمامة ابنه الحسن ثم ابنه عبد الله ثم ابنه محمد ثم أخيه إبراهيم الإمامين وقد خرجا في أيام المنصور فقتلا في أيامه ومن
(٢٨)