المقدمة الرابعة في بيان أول شبهة وقعت في الملة الإسلامية وكيفية انشعابها ومن مصدرها ومن مظهرها وكما قررنا أن الشبهات التي وقعت في آخر الزمان هي بعينها تلك الشبهات التي وقعت في أول الزمان كذلك يمكن أن نقرر في زمان كل نبي ودور صاحب كل ملة وشريعة أن شبهات أمته في آخر زمانه ناشئة من شبهات خصماء أول زمانه من الكفار والملحدين وأكثرها من المنافقين وإن خفى علينا ذلك في الأمم السالفة لتمادى الزمان فلم يخف في هذه الأمة أن شبهاتها نشأت كلها من شبهات منافقى زمن النبي عليه الصلاة والسلام إذ لم يرضوا بحكمه فيما كان يأمر وينهى وشرعوا فيما لا مسرح للفكر فيه ولا مسرى وسألوا عما منعوا من الخوض فيه والسؤال عنه وجادلوا بالباطل فيما لا يجوز الجدال فيه اعتبر حديث ذي الخويصرة التميمي إذ قال اعدل يا محمد فإنك لم تعدل حتى قال عليه الصلاة والسلام إن لم أعدل فمن يعدل فعاد اللعين وقال هذه قسمة ما أريد بها وجه الله تعالى وذلك خروج صريح على النبي عليه الصلاة والسلام ولو صار من اعترض على الإمام الحق خارجيا فمن اعترض على الرسول أحق بأن يكون خارجيا أوليس ذلك قولا بتحسين العقل وتقبيحه وحكما بالهوى في مقابلة النص واستكبارا على الأمر بقياس العقل حتى قال عليه الصلاة والسلام سيخرج من ضئضى هذا الرجل قوم يمرقون من الدين كما يمرق السهم من الرمية الخير بثمامه واعتبر حال طائفة أخرى من المنافقين يوم أحد إذ قالوا * (هل لنا من الأمر من
(٢١)