وحكى عن قوم من الثنوية ان النور والظلمة لم يزالا حيين الا ان النور حساس عالم والظلام جاهل أعمى والنور يتحرك حركة مستوية مستقيمة والظلام يتحرك حركة عجرفية خرقاء معوجة فبيناهما كذلك إذ هجم بعض هامات الظلام على حاشية من حواشي النور فابتلع النور منه قطعة على الجهل لا على القصد والعلم وذلك كالطفل الذي لا يفصل بين الجمرة والتمرة وكان ذلك سبب المزاج ثم ان النور الأعظم دبر في الخلاص فبنى هذا العالم ليستخلص ما امتزج به من النور ولم يمكنه استخلاصه الا بهذا التدبير 5 - الكينوية والصيامية والتناسخية منهم حكى جماعة من المتكلمين ان الكينوية زعموا ان الأصول ثلاثة دون الأصلين اللذين أثبتهما الثنوية قالوا والنار بطبعها خيرة نورانية والماء ضدها في الطبع فما كان من خير في هذا العالم فمن النار وما كان من شر فمن الماء والأرض متوسطة وهؤلاء يتعصبون للنار شديدا من حيث انها علوية نورانية لطيفة لا وجود الا بها ولا بقاء الا بامدادها والماء يخالفها في الطبع فيخالفها في الفعل والأرض متوسطة بينهما فتركيب العالم من هذه الأصول والصيامية منهم امسكوا عن طيبات الرزق وتجردوا لعبادة الله وتوجهوا في عباداتهم إلى النيران تعظيما لها وامسكوا أيضا عن النكاح والذبائح والتناسخية منهم بتناسخ الأرواح في الأجساد والانتقال من شخص إلى شخص وما يلقى الانسان من الراحة والتعب والدعة والنصب فمرتب على ما أسفله من قبل وهو في بدن آخر جزاء على ذلك والانسان ابدا في أحد امرين اما في فعل واما في جزاء وما هو فيه فاما مكافأة على عمل قدمه واما عمل ينتظر
(٢٥٣)