بالخلق ومن قال يوصف الباري تعالى بما يوصف به الخلق أو يوصف الخلق بما يوصف به الباري تعالى فقد اعتزل عن الحق وسنخ القدرية طلب العلة في كل شيء وذاك من سنخ اللعين الأول إذ طلب العلة في الخلق أولا والحكمة في التكليف ثانيا والفائدة في تكليف السجود لادم عليه السلام ثالثا وعنه نشأ مذهب الخوارج إذ لا فرق بين قولهم لاحكم إلا لله ولا نحكم الرجال وبين قوله لا أسجد إلا لك أأسجد لبشر خلقته من صلصال من حمأ مسنون وبالجملة كلا طرفي قصد الأمور ذميم فالمعتزلة غلو في التوحيد بزعمهم حتى وصلوا إلى التعطيل بنفي الصفات والمشبهة قصروا حتى وصفوا الخالق بصفات الأجسام والروافض غلوا في النبوة والإمامة حتى وصلوا إلى الحلول والخوارج قصروا حتى نفوا تحكيم الرجال وأنت ترى إذا نظرت أن هذه الشبهات كلها ناشئة من شبهات اللعين الأول وتلك في الأول مصدرها وهذه في الآخرة مظهرها وإليه أشار التنزيل في قوله تعالى * (ولا تتبعوا خطوات الشيطان إنه لكم عدو مبين) * وشبه النبي صلى الله عليه وسلم كل فرقة ضالة من هذه الأمة بأمة ضالة من الأمم السالفة فقال القدرية مجوس هذه الأمة وقال المشبهة يهود هذه الأمة والروافض نصاراها وقال عليه الصلاة والسلام جملة لتسلكن سبل الأمم قبلكم حذو القذة بالقذة والنعل بالنعل حتى لو دخلوا جحر ضب لدخلتموه
(٢٠)