من نقل أفكاره وأحاديثه إلى جميع أهل المدينة وزوارها وإعطاء أحاديثه روحانية خاصة. ومن الأمور الخطيرة، إن الناس خارج المدينة المنورة مثل الشام والعراق واليمن وباقي مدن الجزيرة كانوا ينظرون إلى ما يصدر عن الرسول (صلى الله عليه وآله)، والخلفاء، وما قيل في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله)، وبحضور الخليفة، والصحابة، على أنه حقائق لا يشوبها الشك!
والخطير في الأمر أن تميما وكعبا كانا يتحدثان في أيام منع ذكر الحديث النبوي وتدوينه من قبل عمر (1). فكان السؤال عن تفسير القرآن غير مسموح به، وكذلك السؤال عن المسائل الاعتقادية، والأحاديث النبوية.
وفي ظل عدم تمكن الصحابة من قول الحديث، كان تميم وكعب يتحدثان في مدينة المصطفى. وبذلك يكون تميم وكعب هما المرجعان الدينيان اللذان يرجع إليهما الصحابة في السؤال عن المسائل الدينية، ولهما الحق في التدريس في المسجد.
وكان فقدان المرجعية الدينية لأهل البيت (عليهم السلام)، هو الذي دفع عمر للاعتماد على غيرهم. لأن نظرية النبي (صلى الله عليه وآله) تتمثل في الثقلين كتاب الله وأهل البيت (عليهم السلام)، وهذا ما طرحه النبي (صلى الله عليه وآله) في يوم الخميس أثناء مرضه، وفي حجة الوداع، وفي غدير خم، وغيرها. بينما كانت نظرية قريش: حسبنا كتاب الله. وقد وجد عمر أن كتاب الله نفسه يحتاج إلى مفسر، وأن شريعة الله تحتاج إلى مرجع ديني، وهذا ما يفسر مسألة اعتماد عمر على كعب وتميم لسد ذلك الفراغ المرجعي!
ولقد اعتمد في بعض المناسبات على الإمام علي (عليه السلام)، في حل بعض المعضلات الفقهية والاعتقادية والقضائية ذكرناها في هذا الكتاب فقال عندها عمر: لولا علي لهلك عمر (2).