وكان اعتماد الدولة الاستراتيجي في المسائل الخطيرة ونشر الثقافة العامة والأحاديث الدينية يتم أسبوعيا بالاعتماد على كعب وتميم.
وهذا لا ينافي اعتقاد الدولة بأفضلية علي (عليه السلام) على غيره من أمثال كعب وتميم. لكن كعبا وتميما في خط الحزب القريشي، ومن ضمن رموزه، بينما كان الإمام علي (عليه السلام) من الخط المنافس لهم، فكان أبو بكر وعمر وعثمان ومعاوية وآخرون من أعضاء الدولة، بينما كان علي (عليه السلام) والعباس وابنه وأبو ذر وسلمان وعمار من خط المعارضة.
والحكومات السياسية عادة ما تدعم أفرادها بكل قوة، دون مراعاة لأمور كثيرة، مع غض نظر عن أخطائهم. وفي نفس الوقت تناهض منافسيها وتمنعهم أسباب القوة المعنوية والاقتصادية والعسكرية والسياسية وغيرها. وتفتش عن أخطائهم لضربهم، وتعمل لتحجيمهم، ودعم كعب وتميم وتولية أفراد بني أمية مناصب الدولة ومنع أفراد بني هاشم وظائفها من أدلة ذلك.
ولقد تسببت السياسة في وصول كعب وتميم إلى ما لم يحلم به هذان العنصران.
وفي السياسة يكون التقاء المصالح فوق ما عداه. فلقد سمح عمر بن الخطاب في زمنه لكعب الأحبار ولتميم الداري بقول القصص في مسجد النبي (صلى الله عليه وآله). ولم يكن ذلك معروفا في زمن النبي (صلى الله عليه وآله) وأبي بكر (1).
وبالرغم من ذكر عبد الرحمن بن عوف لحديث: لا يقص إلا أمير أو مأمور أو مراء فإن كعبا استمر في قصصه وعمر واصل إذنه بذلك.
فعن كثير بن مرة، أن عوف بن مالك الأشجعي شاهد جماعة مجتمعين على رجل في مسجد حمص فقال عوف: ما هذه الجماعة؟ قالوا: كعب يقص على الناس.
قال: يا ويحه! أما سمع قول رسول الله (صلى الله عليه وآله): لا يقص إلا أمير أو مأمور أو