ولم يكن عمر يرى للأسبقية في الإسلام أفضلية في التعيين ويرى للنسب القرشي أرجحية. ولم يول عمر البلدان المهمة لفترات طويلة إلا للمنحرفين عن بني هاشم، والمتأخرين في إسلامهم وهم معاوية وابن العاص وعبد الله بن أبي ربيعة والمغيرة وأبي موسى الأشعري، إذ كانوا يحكمون الشام ومصر واليمن والكوفة والبصرة، وقد تربى هؤلاء الناس على بغض أهل البيت (عليهم السلام).
أما عن إدارة عمر لعماله فقد جاء: كتب عمر (رضي الله عنه) إلى عماله أن يوافوه فوافوه فقال: " يا أيها الناس إني بعثت عمالي هؤلاء بالحق عليكم، ولم استعملهم ليصيبوا من أبشاركم، ولا من دمائكم، ولا من أموالكم. فمن كانت له مظلمة عند أحد منهم فليقم ".
قال: فما تقدم من الناس إلا رجل واحد فقال: يا أمير المؤمنين عاملك ضربني مائة سوط. فقال عمر: تضربه مائة سوط؟ فاستقد منه. فقام إليه عمرو ابن العاص فقال له: يا أمير المؤمنين إنك إن تفتح هذا على عمالك كبر عليهم، وكانت سنة يأخذ بها من بعدك.
فقال عمر: ألا أقيده منك، وقد رأيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) يقيد من نفسه؟ قم فاستقد. فقال عمرو: دعنا إذا فلنرضه. قال: فقال دونكم. فأرضوه بأن اشتريت منه بمائتي دينار، كل سوط بدينارين (1).
وهذا العمل يبين سنة من سنن الرسول (صلى الله عليه وآله)، الذي طلب من المسلمين قبل موته أن يأخذوا بحقهم منه (صلى الله عليه وآله)، إن كان لهم في رقبته حق، إذ قال (صلى الله عليه وآله):
" أما بعد أيها الناس فإني أحمد إليكم الله الذي لا إله إلا هو، وإنه قد دنا مني حقوق من بين أظهركم فمن كنت جلدت له ظهرا فهذا ظهري فليستقد منه، ومن كنت شتمت له عرضا فهذا عرضي فليستقد منه، ألا وإن الشحناء ليست من