أكانت العبرة بالفتوح، ورسول الله وهو مدبرها أم الانتصارات، وهو مقررها بالروح التي أودعها في القلوب والإيمان الذي أقره عند الكروب والحروب والشجاعة التي بعثها في النفوس، والطاعة التي أمكنها في الرؤوس، ذهبت كلها هدرا وتبددت شذرا ومذرا.
فقد إئتمن الخائن، وعاد بعد انهزامه الشائن وقد مات الزعيم فأداروها لماضيها القديم، ناكثين بيعة الغدير وخليفته الأمين البصير، ناكث يوليها لناكث ويدبرها بعده لقاسط، وقاسط يودعها لقاسط ويستأثر بها مارق، بين منافقين كفروا بعد إيمانهم، ومتظاهرين بالدين قولهم عن السلام والوئام، وعملهم محشو بالعداء والخصام جمعوا حولهم مشركين، أسلموا مكرهين فاعلنوا الهدنة، وأبطنوا الحرب والفتنة يثيرهم منافقوا أهل الكتاب، ويتابعهم مردة الغباوة والجهل من كل مارق مشين، متكالبين على تمزيق هذا الدين ماحقين أعلامه غاصبين أمناءه وخدامه، مدنسين مقدساته ومشوهين محسناته، فالكلام صفة المتكلم، والعمل صفة العامل، والقرين يعرف بقرينه، والمدبر يعرف بأمينه ومعينه، والحاصل نتاج العامل، والثمر نتاج الشاتل مما عمل وشتل، فلا يرجى من الحنظل عنبا، ولا من الشوك رطبا، فالثعلب يولد ثعلبا ماكرا والهزبر هزبرا كاسرا، والصل صلا نقيع سمه، والنحل شهدا شهيا أكله وطعمه، ومن خبث لا يخرج إلا نكدا، ومن حادد الله ورسوله فلا ترجو له رشدا.
فأي سيرة يا معاوية وسبيل سلكتم، وأي كتاب وسنة اتبعتم، وأنت وأبوك وقومك رأس الشرك والأحزاب، وألد أعداء الإسلام في الجاهلية، وأنتم المنافقون بعد إكراهكم، فأنتم أشد بلية، اعترفت لمحمد بن أبي بكر بالحقيقة، وأعلنت له الصواب وطريقه، فاتبعت من اعترفت بشطه عن الصراط المستقيم، وسرت بها منذ البداية في لواء من أغواه الشيطان الرجيم، تشد أزره، وتزيد