سؤال مستظرف:
روى ابن أبي الحديد في شرح نهج البلاغة ج 4 ص 105، قال: سألت علي بن الفارق أحد أساتذة ذلك العصر في بغداد عن فدك، قلت: أكانت فاطمة صادقة؟
قال: نعم. قلت: إذا كان ذلك فلماذا لم يعطها الخليفة فدكا. فتبسم (مع أنه لم يكن من أهل المزاح) وأجاب جوابا مستظرفا مستحسنا! خلاصة قوله: إنه إذا أعطاها فدكا لمجرد ادعائها، كانت تعود له بعد يوم مطالبة إياه بالخلافة التي اغتصبها من زوجها، وعندها كان عليه لزوما أن يسلم الحق إلى أهله لأنه قد صدقها. انتهى.
12 - وهناك اعتراض مهم على أبي بكر على قبول خبر الصحابي العدل ولو جر ذلك نفعا لنفسه. فقد ثبت، وممن أخرج حديثا يؤيد ذلك شيخ الإسلام الحافظ أبو الفضل أحمد بن علي بن حجر العسقلاني في فتح الباري في شرح صحيح البخاري باب من يكفل عن ميت دينا قال: إن جابر بن عبد الله الأنصاري ادعى أن رسول الله (صلى الله عليه وآله) وعده أن يعطيه من مال البحرين، فأعطاه ألفا وخمسمئة دينار من بيت المال دون أن يطلب منه بينة على ذلك، قال: " إن هذا الخبر فيه دلالة على قبول خبر العدل من الصحابة ولو جر ذلك نفعا لنفسه، لأن أبا بكر لم يلتمس من جابر شاهدا على صحة دعواه ".
ونقله البخاري أيضا في صحيحه بصورة مبسوطة في باب من يكفل عن ميت دينا، في كتاب الخمس، في باب ما قطع النبي من البحرين.
هنا يحق السؤال: أكان جابر أصدق عند أبي بكر من الصديقة الزكية الطاهرة، وزوجها الصديق نفس رسول الله (صلى الله عليه وآله) ووصيه؟
أولئك والمال بيدهم وتحت تصرفهم ويسلبها منهم، وهذا فارق أعظم، وأحسب أنه أراد تطبيق نظر الشاعر في قوله:
إذا كنت لا تنفع فضر فإنما * يراد الفتى إذ ما يضر وينفع