الجاهلية باسم الإسلام، والبربرية باسم السلام، أقاموا المساجد (1) والصلاة مكرا وخديعة لقمعها، ونشر مبادئهم، ونادا بالزكاة لجمع المال وإنفاقها خلاف شرعها لتبرير وبث مساوئهم، ونادوا بالإسلام وقمع الفتنة للقضاء على مناوئهم.
وهم الذين أولدوا أمر المحنة وحاددوا عن الكتاب والسنة، متنكرين في كل أعمالهم وأقوالهم، مستبدين جائرين معتدين همهم الفتك بالأحرار المتقين بيد الأشرار السفاكين.
شيمتهم النفاق ونتائجهم الشقاق، وحدوها للظلم والخديعة، وشراء الضمائر الوضيعة والمجازر الشنيعة، رماد تحتها نيران متأججة، ووجوم يضم قلوبا متوهجة ومتحرجة، وكيف نطلب العلم من جاهل والتقوى من سافل، والمال من المعدم، والسلامة من المكلم، والرحمة من الظلوم، والرأفة من العدو الغشوم، والهدى ممن اتبع من اللحظات الأولى سبل الضلال واستبدل الحرام بالحلال، واجترأ على نصوص القرآن، وحارب سنن الرسول في شريعته وآله.
فمنع تدوينها وزاغ عن آله في تأويلها وتحويلها، ووضع وحرف وزور وزيف، وعاد عن سيرتهم لسيرة المستبدين الطغاة، وأرغم الأمة باستخلاف رسول الله بنفسه، ومن خلف عليهم ممن زاغ عن سيرة الهداة، تظاهروا بالشريعة واتبعوا المنكرات الشنيعة، والأخلاق الوضيعة والمظالم الفظيعة.
كم من نص للكتاب خالفوه، وأمر من القرآن ونهي حاددوه، ووصية لرسوله جانبوها، وسنة له حاربوها، وحبيب له أغضبوه، وحق له سلبوه، وقريب له عذبوه، وعدو له صاحبوه وقربوه وواددوه، وعلى الأمة فرضوه.