يذكر قومه: إني دعيت وسأجيب وهذا خليفتي فيكم فاسمعوا له وأطيعوا، هذا يعسوب الدين، هذا إمام المتقين، هذا الصديق الأعظم، وهذا الفاروق.
فقد ثبتت ضرورة الإمام (عليه السلام) وضرورة معرفته، ومن لم يعرفه فهو يموت ميتة جاهلية، أي كافرا، ومن خالفه خالف الله ورسوله (صلى الله عليه وآله).
قال كل ذلك على مسمع (100 - 200) ألف شخص، وفيهم الصحابة، أخص أبا بكر وعمر، وأزواج رسول الله (صلى الله عليه وآله). وقد ثبت أن أبا بكر وعمر قالا له: بخ بخ لك يا علي لقد أصبحت مولانا ومولى كل مؤمن ومؤمنة.
وبعدها ماذا؟ فما هو الحكم الفصل بعد هذا؟ من أقر ونقض وخالف واغتصب وظلم وآذى؟ ولم يكتف بكل ذلك بل قدمها لقمة سائغة إلى رؤساء الأحزاب وأعداء الإسلام الكفرة الفسقة المنافقين آل أمية وآل بني معيط.
فمن فعل ذلك؟ وما جزاؤه؟ إن الذي فعل ذلك هو الغاصب العامد الذي تعمد إقصاء علي (عليه السلام) وآله إلى الأبد، وحرمان الأمة الإسلامية إلى الأبد منهم.
وهذا هل يساوي جزاء فرد متعمد أضر فردا واحدا؟ بل أصاب قاطبة أفراد المسلمين على مدى الأيام والسنين والقرون، وسوف نرى في النتيجة الحكم الفصل.
109 - خلفاء رسول الله (صلى الله عليه وآله) من عترته: وخلف علي (عليه السلام) الأئمة الطاهرين من عترته جيلا بعد جيل، فكانوا على تلك الشاكلة من العلم والتقوى والطهارة والزهد والاخلاص، واستمروا تحت كبت الطغاة الغاصبين يمدون، ما سمحت لهم الظروف، الأمة بفيضهم، ولم يشهدوا فرصة تسمح لهم بفيض يشمل الأمة من بحر علمهم الزاخر سوى الفترة الكائنة بين أواخر العهد الأموي، الذي انشغل فيه الأمويون بشؤونهم الداخلية والخارجية المغلقة. فخف كابوس ضغطهم على أحرار الأمة وأخيارها وأخص منهم آل بيت الرسالة (عليهم السلام).
وأوائل عهد بني العباس البادئين ببناء صرح دولتهم، هناك بين العهدين ظهر