والصيام جهات بمنهج تغييري شامل لإقامة أوضاع جديدة في مختلف شؤون الحياة.
وتشريعات الإسلام من حيث صلتها بعبادة الله على درجة واحدة من دون فرق بين أحكام توزيع الثروة وأحكام جهاد أعداء الله ورفع سيطرتهم عن الأمة، وأحكام الصلاة والصيام وتلاوة القرآن. فجميعها أحكام للحياة لاستقرار صلاحها وسعادتها، وجميعها أحكام يتلقاها المجتمع المسلم من الله ويتعبد له بتطبيقها. وبالتالي فكلها عبادات لله وبكلها تتسق إنسانية هذا الإنسان وتسير قدما في تكاملها.
ومن طريف حكمة الله عز وجل أن تكون الواجبات التي اشترط فيها نية القربة أنواعا مختلفة. فكما أن منها الصلاة وهي عمل خشوعي تربوي، كذلك منها الصيام وهو فريضة امتناع وكف للنفس عن العادات اللصيقة، بالإنسان، ومنها الحج الذي هو سفر إلى أرض الله المقدسة وأداء لمناسك معينة، ومنها أداء الصدقات والخمس وهما ضريبتان ماليتان، ومنها الاغتسال والتوضؤ وهما عملان تطهيريان.. مما يدلنا على أن الله تعالى يريد للإنسان أن يعيش في قسم متنوع من أعماله حالة الوعي لربه والإستحضار لصدوره عن أمره وهداه.
وحينما ننظر إلى الصلاة موضوع البحث نجد أنها من فئة التعبدات التي اشترط فيها الإسلام أن تؤدى عن وعي لله وصدور عن أمره وإرادته (نية القربة) وهي ميزة لهذه الفريضة تضاف إلى ميز من مقوماتها فترتفع بها إلى حد الابداع وبأثرها في نفس الإنسان وحياته إلى حد الاعجاز.