والنوازع النفسية، فكل أعمال الناس بهذا المعنى عبادات، والعبادة التي دعا إليها الإسلام تعني صدور كافة أعمال الناس عن أوامر الله تعالى ونواهيه. فالمجتمع المسلم الذي يستجيب لهذه الدعوة ويصدر في سلوكه عن أحكام الإسلام مجتمع عابد لله في كل النشاطات اللازمة لحياته، سواء في ذلك تطبيقه لصيغة الحكم الإسلامي، وتصريف الجهاز الحاكم لقضايا الأمة، وتطبيقه لنظام الانتاج والتوزيع وتطبيقه لفرائض الصلاة والصيام والجهاد. الخ. فكلها ألوان من العبادات يتعبد المسلمون فيها بأمر الله تعالى ويصدرون فيها عن إرادته.
3 المعنى الفقهي، فعندما أخذ الفقهاء بدراسة أحكام الشريعة الإسلامية واستنباطها رأوا أن يقسموها إلى أقسام متميزة عملا بالتبويب المتبع في البحث والتأليف، فلاحظوا أن من الواجبات الإسلامية ما يشترط فيها الإسلام أن يكون الدافع إليها نية القربة إلى الله عز وجل أو نية امتثال أمره. الخ. أي أن تصدر عن وعي والتفات لتكليف الله تعالى بهذا الواجب وإلا اعتبرت باطلة ووجب إعادتها أو قضاؤها. ومنها واجبات لم يشترط فيها الإسلام مثل هذا الاستحضار بل طلب مجرد حصولها بقطع النظر عن الدافع إليها، فاختاروا لهذا القسم الثاني اسم (الواجبات التوصلية) لأن المطلوب مجرد التوصل إليها، وكان نصيب القسم الأول (الواجبات العبادية، أو العبادات) كالصلاة والصيام والصدقات والخمس.
4 المعنى العرفي للعبادة، الذي يعني الصلاة والصيام والحج والدعاء والتسبيح وما شابه.. وهذا المعنى للعبادة والعابد أضيق المعاني المتقدمة دائرة على الاطلاق، وهو أقرب إلى المعنى اللغوي. أما بالقياس إلى المعنى القرآني الشامل فنسبته واضحة، وأما بالقياس إلى المعنى الفقهي فإن واجب الضرائب المالية (الزكاة والخمس) والذي هو واجب عبادي بالاصطلاح الفقهي لأنه يشترط فيه قصد القربة، لا يشمله هذا المعنى العرفي.. هذا وربما نجد استعمال العبادة في بعض أحاديث السنة الشريفة بالمعنى العرفي وهو استعمال للكلمة في مصداقها البارز لدى الناس.