الناس بحاجة إلى إعلان يعرفهم بالفجر ثم يذكرهم بالزوال ثم يعلن لهم المغيب كما أنهم بحاجة حقيقية إلى إعلان يحدد لهم وقت الاستيقاظ ونهاية شوط العمل الصباحي والمسائي.
وأما صيغة الأذان وأسلوبه ففيهما يكمن الابداع والإعجاز.
تأمل في عبائره وفي إيقاعه النفسي وفي تسلسله خطوة خطوة. ولا بد لك أن تزيل راسب الألفة المكثف حتى تجد الأذان الذي أقصد.
لقد تعودت أذهاننا مثلا كلمة (القرآن) اسما لكتاب الله عز وجل ولذلك نحسبه اسما عاديا أما لو تأملناه بنظرة فاحصة لأخذتنا الدهشة لهذا الاسم، ولعلمنا أن الذهنية البشرية لو جهدت مجتمعة لما توصلت إلى هذه اللفظة اسما لكتاب.
القرآن: أي ما يقرأ، أي الكلام الذي يستحق أن يقرأ على البشرية والذي يستحق أن تقرأه البشرية.
القرآن: انطلق بعقلك مع هذا الاسم وابحث كل عمرك عن اسم عملي، بليغ حيوي موجز جزل اللفظ متين البناء رائع الايقاع معبر عن كتاب الله للناس. فلن تجد غير. القرآن كذلك نحن تعودنا صيغة (الله أكبر) وصرنا نحسبها عبارة عادية ولكنها عبارة تجسد لنا حقيقة أننا لن نحيط بالله علما ولن نحيط به وصفا، وأنه عز وجل أكبر من مخاوفنا وهمومنا وقدراتنا ومشاكل حياتنا.
كلمتان: هما شعار الأمة وهتافه في معركة وطاقة أمام عقبة، وتعبير عن إعجاب بجمال أو جلال، ونداء ينطلق في بدء الدعوة إلى الصلاة.
كلمتان: كلما تأملناهما أدركنا إعجاز مضمونهما وصيغتهما وفهمنا قول بعض الأحاديث الشريفة أن التكبير عطاء من الله لهذه الأمة.
الله أكبر: بهذا التركيب الموجز، والجرس الحاسم، وبصيغة التفضيل المطلق، والصلاحية للعديد من حالاتنا. رائعة من خلق الله، ولا بديل لخلق الله.