واستشكل عليه تلميذه الأكبر (قدس سرهما) بأن لنا أن نأخذ جميع الإرادات بحيث لا يشذ عنها ونسأل أن علتها أي شئ؟ فإن كانت إرادة أخرى لزم الجبر في الإرادة (1).
أقول: هذا نظير ما يقال في الاستدلال على وجود غني بالذات إنه لو فرض سلسلة غير متناهية في الوجود يكون كل فرد فرد فيها فقيرا ممكنا لنا أن نحيط بعقلنا على السلسلة إجمالا، فنقول: السلسلة الغير المتناهية من الفقراء لا يمكن أن تدخل في الوجود ولا فرد منها إلا بإفاضة غني بالذات، وإلا فالفقير الفاقد للشئ لا يمكن أن يكون معطيا ومغنيا، فكل موجود دل على الغني بالذات، فسد فقر الفقير لا يمكن إلا بالغني.
والعجب أن المحقق الداماد كان متنبها على هذا الإشكال في تقرير أصل الشبهة ومع ذلك أجاب بما عرفت.
وأجاب المحقق الخراساني (رحمه الله) (2) عن أصل الشبهة بأن الاختيار وإن لم يكن بالاختيار إلا أن بعض مباديه يكون غالبا بالاختيار، للتمكن من عدمه بالتأمل فيما يترتب على ما عزم عليه من تبعة العقوبة واللوم والذم.
وفيه: أن الفعل الاختياري على الفرض ما كان مباديه اختيارية، فحينئذ ننقل الكلام إلى تلك المبادي التي ادعى أنها بالاختيار هل تكون الإرادة المتعلقة بالإرادة واختيارها بالاختيار فيتسلسل وإلا يلزم المحذور.
وبما ذكرنا يظهر الجواب عما ذكره شيخنا العلامة - أعلى الله مقامه - من أن الإرادة قد تتحقق لمصلحة في نفسها، لأنا نرى بالوجدان إمكان أن يقصد الإنسان الإقامة في مكان عشرة أيام ويكون الأثر مترتبا على القصد لا على الإقامة والبقاء (3)، فإنه بذلك لا تنحسم مادة الإشكال، لأنا ننقل الكلام إلى الإرادة هل هي إرادية اختيارية، فيتسلسل أو لا؟ فيعود المحذور. مضافا