حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٩٤
المسمى بالبقاء ارتباطا وجوديا حقيقيا يؤدي به كل سابق إلى لاحقه، ويتوجه به النوع إلى آخر مرحلة، من شأن حركته أن ينتهي إليه.
وليس النوع الإنساني بمستثنى من هذه الكلية البتة، فهو أيضا من أول ما يأخذ فرد منه في التكون عازم نحو غايته متوجه إلى مرتبة إنسان كامل واجد لحقيقة سعادته، سواء بلغ في مسير حياته إلى ذلك المبلغ أم حالت دونه الموانع.
والإنسان لما اضطر بحسب سنخ وجوده إلى أن يعيش عيشة اجتماعية، والعيشة الاجتماعية إنما تتحقق تحت قوانين وسنن جارية بين أفراد المجتمع - وهي عقائد وأحكام وضعية اعتبارية، التكاليف الدينية وغير الدينية - تتكون بالعمل بها في الإنسان عقائد وأخلاق وملكات هي الملاك في سعادة الإنسان في دنياه وكذا في آخرته، وهي لوازم الأعمال المسماة بالثواب والعقاب.
فالتكليف يستبطن سيرا تدريجيا للإنسان بحسب حالاته وملكاته النفسانية نحو كماله وسعادته، يستكمل بطي هذا الطريق والعمل بما فيه طورا بعد طور حتى ينتهي إلى ما هو خير له وأبقى، ويخيب مسعاه إن لم يعمل به، كالفرد من سائر الأنواع الذي يسير نحو كماله، فينتهي إليه إن ساعدته موافقة الأسباب، ويفسد إن خذلته ومنعته.
فقول القائل: " ما الفائدة في التكليف؟ " كقوله: ما الفائدة في تغذي النبات؟ أو ما الفائدة في تناسل الحيوان من غير نفع عائد؟
وأما الشبهة الثالثة - قوله: هب أنه كلفني بمعرفته وطاعته فلماذا كلفني بالسجود لآدم؟ - فجوابه ظاهر، فإن هذا التكليف يتم بالايتمار به صفة العبودية لله سبحانه، ويظهر بالتمرد عنه صفة الاستكبار.
وأما الشبهة الرابعة - قوله: لماذا لعنني وأوجب عقابي - فجوابه: أن اللعن والعقاب من لوازم الاستكبار على الله، وليس قوله هذا إلا كقول من يقول فيمن استقى سما وشرب فهلك به: لم لم يجعله الله شفاء، وليس في إماتته به نفع له؟ فهذا كله من الجهل
(٩٤)
مفاتيح البحث: الجهل (1)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 89 90 91 92 93 94 95 96 97 98 99 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162