بنائية، وليست الهيئة والنظم من فعل الإنسان إلا بالعرض، وما هو فعله بالآلة الحركة القائمة بالعضلات أولا وبتوسطها بالأجسام، وفي هذا الفعل يكون بين النفس المجردة والفعل وسائط ومبادي من التصور إلى العزم وتحريك العضلات.
الضرب الثاني: ما يصدر منها بلا وسط أو بوسط غير جسماني كبعض التصورات التي يكون تحققها بفعالية النفس وإيجادها - إن لم نقل جميعها كذلك - مثل كون النفس لأجل الملكة البسيطة الحاصلة لها من ممارسة العلوم خلاقة للتفاصيل، ومثل اختراع المهندس صورة بدعية هندسية، فإن النفس مع كونها فعالة لها بالعلم والإرادة والاختيار لم تكن تلك المبادي حاصلة بنحو التفصيل كالمبادي للأفعال التي بالآلات الجسمانية، ضرورة أن خلق الصور في النفس لا تحتاج إلى تصورها والتصديق بفائدتها والشوق والعزم وتحريك العضلات، بل لا يمكن توسيط هذه الوسائط بينها وبين النفس، بداهة عدم كون التصور مبدأ للتصور بل نفسه حاصل بخلاقية النفس، وهي بالنسبة إليه فاعلة بالعناية بل بالتجلي، لأنها مجردة والمجرد واجد لفعليات ما هو معلول له في مرتبة ذاته، فخلاقيته لا تفتقر إلى تصور زائد، بل الواجدية الذاتية في مرتبة تجردها الذاتي الوجودي كافية للخلاقية، كما أنه لا تفتقر إلى إرادة وعزم وقصد زائد على نفسه.
إذا عرفت ذلك فاعلم: أن العزم والإرادة والتصميم ولا تكون مبدئيتها بالآلات الجرمانية بل هي موجدة لها بلا وسط جسماني. وما كان حاله كذلك في صدوره من النفس لا يكون، بل لا يمكن أن يكون بينه وبينها إرادة زائدة متعلقة به، بل هي موجدة له بالعلم والاستشعار الذي في مرتبة ذاتها، لأن النفس فاعل إلهي واجد لأثره بنحو أعلى وأشرف، فكما أن المبدأ للصور