فإن قال قائل: إن هذا علم أيضا بالقوة، ولكن قوة قريبة من الفعل.
فذلك باطل، لأن لصاحبه يقينا بالفعل حاصلا لا يحتاج أن يحصله بقوة بعيدة أو قريبة، فذلك اليقين، لأنه متيقن أن هذا حاصل عنده إذا شاء علمه، فيكون تيقنه بالفعل بأن هذا حاصل تيقنا به بالفعل، لأنه من المحال أن تتيقن أن المجهول بالفعل معلوم عنده مخزون، فكيف تتيقن حال الشئ إلا والأمر هو من جهة ما تتيقنه معلوم. فهو بهذا النوع البسيط معلوم عنده، ثم يريد أن يجعله معلوما بنوع آخر.
ومن العجائب: أن هذا المجيب حين يأخذ في تعليم غيره تفصيل ما هجس في نفسه دفعة، يكون مع ما يعلمه يتعلم العلم بالوجه الثاني، فيرتب تلك الصورة فيه مع ترتب ألفاظه:
فأحد هذين هو العلم الفكري الذي إنما يستكمل به تمام الاستكمال إذا ترتب وتركب.
والثاني هو العلم البسيط الذي ليس من شأنه أن يكون له في نفسه صورة بعد صورة، ولكن هو واحد تفيض عنه الصور في قابل الصور، فذلك علم فاعل للشئ الذي نسميه علما فكريا، ومبدء له، وذلك هو للقوة العقلية المطلقة من النفوس المشاكلة للعقول الفعالة. وأما التفصيل فهو للنفس من حيث هو نفس، فإن لم يكن له ذلك لم يكن له علم نفساني، انتهى.
الأمر الثاني: أنه بعدما عرفت أن الملكة البسيطة - العقل البسيط - علم فاعل للعلم الفكري ومبدأ لفيضان الصور في لوحة قابل الصور - كما في تعبير الشيخ الرئيس (رحمه الله) - وأن النفس في مقام العقل البسيط والملكة الإجمالية في خلق الصور لا تحتاج إلى تصورها وتصديقها والشوق والعزم ونحوها، كما في عبارة الإمام الراحل (قدس سره).
فاعلم: أن فاعلية النفس بالنسبة إليها فاعلية بالعناية بل بالتجلي.
وتوضيحه مع الاستعانة بوجه ضبط - أشار إليه المتأله السبزواري قدس سره