وبالجملة: ما أفاده لا يغني من الجواب عن الشبهة [30].
[30] اعلم: أن في مادة الإمكان ورد شك فيقال: لو اتصف شئ بالإمكان للزم اتصافه به، وإلا لزال الإمكان عن الماهية مع أنه لازم لها، ثم لزم اتصافه بذلك اللزوم، وهكذا حتى يتسلسل اللزومات دفعا للمحذور المذكور.
ثم ذكروا جريان هذا الشك في جميع المفهومات التي يتكرر نوعها، بمعنى أنه إذا فرض وجود فرد منها انفرض وجود فرد آخر مثل الوجود والحصول والحدوث والقدم والوحدة والاتصاف ومضاهياتها.
وأجابوا: بأنه كما أن في بعض المحسوسات ما قد يكون آلة للحاظ الغير وقد يكون ملحوظا بذاته - وذلك كالمرآة فإن الناظر فيها ربما يجعلها وسيلة إلى النظر في العكس المرئي فيها، فتكون المرآة ملحوظة تبعا، وربما يجعلها منظورا فيها ومستقلا باللحاظ - كذلك الصور العقلية والمفاهيم قد تكون آلة لتعرف حال الغير - مثل الإمكان فإنه قد يلاحظ لتعرف حال ماهية الإنسان ولا اقتضائيتها، وقد يكون ملحوظا بالاستقلال - فباللحاظ الأول هو معنى حرفي آلي لا يكون طرفا للملاحظة استقلالا. فلا يرد الإشكال فإن ورود الإشكال على تقدير اللحاظ استقلالا، وأما اللحاظ الآلي فليس بمحكوم عليه بشئ من الأحكام.
وأما مفهوم الإرادة التي قاسها السيد بالمفهومات التي يتكرر نوعها فأجنبي عن المقام، كما نبه عليه الإمام الراحل (قدس سره) بقوله: " فإن الإرادة بما أنها صفة موجودة حقيقية... " إلى آخره فإنها ليست آلة للتعرف حتى تكون معنى حرفيا، كالمفاهيم المتكرر نوعها باعتمال الذهن وتعمل الروية فنعتبر الإرادة وإرادة الإرادة وهكذا إلى غير النهاية.
لكن ينقطع اعتبارنا وينقطع التسلسل كما توهمه السيد عليه الرحمة.
وهذا الشك غير جار في الإرادة دون تلك المفاهيم المشار إليها.