حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٩٨
وبالجملة: ما أفاده لا يغني من الجواب عن الشبهة [30].
[30] اعلم: أن في مادة الإمكان ورد شك فيقال: لو اتصف شئ بالإمكان للزم اتصافه به، وإلا لزال الإمكان عن الماهية مع أنه لازم لها، ثم لزم اتصافه بذلك اللزوم، وهكذا حتى يتسلسل اللزومات دفعا للمحذور المذكور.
ثم ذكروا جريان هذا الشك في جميع المفهومات التي يتكرر نوعها، بمعنى أنه إذا فرض وجود فرد منها انفرض وجود فرد آخر مثل الوجود والحصول والحدوث والقدم والوحدة والاتصاف ومضاهياتها.
وأجابوا: بأنه كما أن في بعض المحسوسات ما قد يكون آلة للحاظ الغير وقد يكون ملحوظا بذاته - وذلك كالمرآة فإن الناظر فيها ربما يجعلها وسيلة إلى النظر في العكس المرئي فيها، فتكون المرآة ملحوظة تبعا، وربما يجعلها منظورا فيها ومستقلا باللحاظ - كذلك الصور العقلية والمفاهيم قد تكون آلة لتعرف حال الغير - مثل الإمكان فإنه قد يلاحظ لتعرف حال ماهية الإنسان ولا اقتضائيتها، وقد يكون ملحوظا بالاستقلال - فباللحاظ الأول هو معنى حرفي آلي لا يكون طرفا للملاحظة استقلالا. فلا يرد الإشكال فإن ورود الإشكال على تقدير اللحاظ استقلالا، وأما اللحاظ الآلي فليس بمحكوم عليه بشئ من الأحكام.
وأما مفهوم الإرادة التي قاسها السيد بالمفهومات التي يتكرر نوعها فأجنبي عن المقام، كما نبه عليه الإمام الراحل (قدس سره) بقوله: " فإن الإرادة بما أنها صفة موجودة حقيقية... " إلى آخره فإنها ليست آلة للتعرف حتى تكون معنى حرفيا، كالمفاهيم المتكرر نوعها باعتمال الذهن وتعمل الروية فنعتبر الإرادة وإرادة الإرادة وهكذا إلى غير النهاية.
لكن ينقطع اعتبارنا وينقطع التسلسل كما توهمه السيد عليه الرحمة.
وهذا الشك غير جار في الإرادة دون تلك المفاهيم المشار إليها.
(٩٨)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 93 94 95 96 97 98 99 100 101 102 103 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162