بمواقع العلل والأسباب، فكل حادث يرتبط إلى علل وعوامل خاصة من غير تخلف واختلاف قانونا كليا، وفي انهدامه انهدام كل شئ.
وأما الشبهة الخامسة - أعني قوله: إنه لما فعل ذلك لم سلطني على أولاده ومكنني من إغوائهم وإضلالهم؟ - فقد ظهر جوابه مما تقدم، فإن الهدى والحق العملي والطاعة وأمثالها إنما تتحقق مع تحقق الضلال والباطل والمعصية وأمثالها، والدعوة إلى الحق إنما تتم إذا كان هناك دعوة إلى باطل، والصراط المستقيم إنما يكون صراطا لو كان هناك سبل غير مستقيمة تسلك بسالكها إلى غاية غير غايته.
فمن الضروري أن يكون هناك داع إلى الباطل ما دامت النشأة الإنسانية قائمة على ساقها. فوجود إبليس من خدم النوع الإنساني، ولم يمكنه الله منهم ولا سلطه عليهم إلا بمقدار الدعوة، كما صرح به القرآن الكريم.
وأما الشبهة السادسة - قوله: لما استمهلته المدة الطويلة في ذلك فلم أمهلني؟ - فقد ظهر جوابه مما تقدم آنفا.
انتهى ما أردنا نقله مع تلخيص وتغيير ما مني (الميزان 8: 44 - 50).