حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ١١٠
منافاة بين هذا وبين كون الفاعل مختارا!؟ لأن الفاعل المختار باختياره وإرادته وفعاليته يوجب الفعل فيوجده، وهذا يؤكد اختياره الفاعل.
وبعبارة أخرى: أن العلة موجبة - بالكسر - فإذا كان مختارا وموجدا فكذلك يكون هو موجبا - بالكسر - باختياره. والمتكلم لعدم استشعاره موضوع القاعدة وبرهانها ومفادها زعم أن الإيجاب والوجوب ينافيان الاختيار، مع أن الإيجاب بالاختيار لا يعقل أن يكون منشأ وعلة للاضطرار، والوجوب الجائي من قبل العلة يستحيل أن يؤثر فيها.
ومما ذكرنا يعلم: أن جواز الترجيح بلا مرجح أو عدم جوازه غير مربوط بمفاد القاعدة وصحتها، فإنه لو سلمنا جوازه أو منعناه لا تنهدم بهما القاعدة، لأن معنى جوازه أن الفاعل يجوز أن يختار أحد طرفي الفعل من غير أن يكون فيه ترجيح، بل يختار أحد المتساويين من جميع الجهات، فإذا اختاره وأراده وأوجده يكون مع اختياره أحد المتساويين وإرادة إيجادية بلا مرجح موجب - بالكسر - وهو مفعول موجود موجب - بالفتح - فيكون اختيار الفعل مع ترجيح أو بلا ترجيح مقدما على الإرادة، وبعد الاختيار تكون النفس فاعلا موجبا - بالكسر - للإرادة وتحريك العضلات، والأعيان الخارجة بتوسطهما.
فامتناع الترجيح بلا مرجح لا يجعل الفاعل مضطرا موجبا - بالفتح - كما أن جوازه لا يجعله مختارا. فالفاعل المختار علة باختياره وإرادته للفعل بعد حصول المقدمات الأخر، موجب - بالكسر - للفعل مع كونه مختارا.
نعم، هاهنا نكتة أخرى ينبغي الإشارة إليها، وهي: أن العلة التامة ما تسد بذاته جميع الأعدام الممكنة على المعلول، وبهذا المعنى لا يكون في نظام الوجود ما يستقل بالعلية والتأثير إلا ذات واجب الوجود - علت قدرته - وغيره تعالى من سكان بقعة الإمكان ليس لهم هذا الشأن، لكونهم فقراء إلى
(١١٠)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 105 106 107 108 109 110 111 112 113 114 115 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162