إلى امتناع تعلق الإرادة بالبقاء من غير مصلحة فيه، وفي المثال لا محيص إلا بتعلق رجحان ولو بالعرض والواسطة بالبقاء، وإلا فتعلق الإرادة به بلا ترجيح واصطفاء مما لا يعقل.
وقد يقال (1): إن إرادية الفعل بالإرادة وإرادية الإرادة بنفسها لا بإرادة أخرى، كموجودية الوجود ومنورية النور.
وفيه: أنه خلط بين الجهات التقييدية والتعليلية، فإن معنى موجودية الوجود بذاته أنه لا يحتاج في صدق المشتق عليه إلى حيثية تقييدية وإن احتاج إلى حيثية تعليلية إذا كان ممكنا، وبهذا المعنى لو فرض كونها مرادة بذاتها لا تستغنى عن العلة، والإشكال في أن علتها هل هي إرادة أخرى أو أمر خارج؟
وأسد ما قيل في المقام: هو ما أجاب به بعض الأكابر (2) وكنت معتمدا عليه سابقا، وبيانه بتوضيح منا: أن الإرادة بما هي من الصفات الحقيقية ذات الإضافة وزانها وزان سائر الصفات الكذائية، فكما أن المعلوم ما تعلق به العلم لا ما تعلق بعلمه العلم، والمحبوب ما تعلق به الحب لا ما تعلق بحبه الحب وهكذا، كذلك المراد ما تعلق به الإرادة لا ما تعلق بإرادته الإرادة، والمختار من يكون فعله بإرادته واختياره، والقادر من يكون بحيث إذا أراد الفعل صدر عنه وإلا فلا، لا من يكون إذا أراد إرادة الفعل فعل، ولو توقف الفعل الإرادي على كون الإرادة المتعلقة به متعلقة الإرادة لزم أن لا يوجد فعل إرادي قط حتى ما صدر عن الواجب [31].
[31] هو صدر المتألهين - قدس الله سره الزكي - في المجلد السادس من " الأسفار، ص 388 " فراجع.