جميع الجهات مستلزم للتركيب فيه سبحانه، وإنما أعاده توطئة لدفع الاشتباه الواقع هنا من بعض أهل البحث، حيث توهم أن قاعدة " الواحد لا يصدر عنه إلا الواحد " مجراها غير الفاعل المختار.
وأما الفاعل المختار فيجوز أن يتكثر أثره مع وحدته، كما في " كشف المراد " حيث قال في شرح كلام المحقق الطوسي (رحمه الله): " مع وحدته يتحد المعلول " المؤثر إن كان مختارا جاز أن يتكثر أثره مع وحدته، انتهى.
وفي " شرح المواقف " للسيد الشريف حكى دعوى الاتفاق عن بعض من توهمه بقوله: وقد يتوهم أن الواحد الحقيقي إن كان موجبا لم يجز أن يصدر عنه ما فوق أثر واحد اتفاقا، وإن كان مختارا جاز أن يصدر عنه آثار اتفاقا، فالنزاع إذن في كون المبدأ موجبا أو مختارا لا في هذه القاعدة.
وأتعب صاحب " الشوارق " نفسه الشريفة في توجيه ذلك فقال: يظهر صحة ما يقال من أن امتناع صدور الكثير عن الواحد الحقيقي متفق عليه حيث كان الفاعل موجبا، وجوازه متفق عليه حيث كان الفاعل مختارا.
فالنزاع إنما هو في كون المبدأ موجبا أو مختارا لا في هذه القاعدة، وذلك لأن مراده من المختار هو الفاعل بالاختيار الجزافي - كما هو رأي الجمهور - فيكون الفاعل بالاختيار الذاتي الموجب على ما هو رأي الحكماء داخلا في الموجب. وبالجملة:
فالظاهر هو الاتفاق في امتناع صدور الكثير عن الواحد الحقيقي إذا كان موجبا، انتهى.
أراد بالموجب - بكسر الجيم - الفاعل الذي يفيض وجوب وجود المعلول حيث تقرر أن الشئ ما لم يجب لم يوجد، وإذا كان الفاعل المفيض لوجوب وجود المعلول بسيطا فالمخصص في ذاته الذي يجب عنه هذا المعلول دون غيره، والمخصص الذي يجب عنه ذلك الغير دون هذا يلزم منه المخصصان المتباينان في ذاته البسيطة، فتكون ذاته مركبة وهو الخلف.