حديث الطلب والإرادة - محمد المحمدي الجيلاني - الصفحة ٦٢
نعم، يجوز ذلك على رأي الأشعري القائل بالاختيار الجزافي والترجيح بلا مرجح المستبين الاستحالة في محله، فإن على مذهب الأشعري إذا جاز وجود شئ واحد بلا إيجاب في الواحد الحقيقي فلم لا يجوز صدور أكثر منه؟! فإذا كانت الخصوصية المسانخة بين المعلول والعلة جزافية فلا يستدعي صدور المعلول عن الواحد الحقيقي مسانخة، وجاز أن يكون كل شئ علة لكل شئ، وكل شئ معلولا لكل شئ!
وعلى ذلك يحمل قول " الشوارق ": وجوازه متفق عليه حيث كان الفاعل مختارا، فإنه على مبنى الأشعري من إنكار قاعدة " أن الشئ ما لم يجب لم يوجد " ليسهل بنا صدور الكثير عن الواحد الحقيقي، بل يصح دعوى الاتفاق. ولكنك عرفت: أن هذا المبنى والبناء كلاهما على شفا جرف هار.
وأساس أمثال هذه الاشتباهات - كما قال الأستاذ الإمام (قدس سره) - هو قياس أوصافه وأفعاله تعالى على أوصافنا وأفعالنا. وما أحسن ما قال مولانا الباقر (عليه السلام): " هل سمي عالما وقادرا إلا أنه وهب العلم للعلماء والقدرة للقادرين؟ وكل ما ميزتموه بأوهامكم في أدق معانيه مخلوق مصنوع مثلكم مردود إليكم، والبارئ تعالى واهب الحياة ومقدر الموت. ولعل النمل الصغار تتوهم أن لله تعالى زبانيين، فإنهما كمالها، وتتصور أن عدمهما نقصان لمن لا تكونان له، هكذا حال العقلاء فيما يصفون الله تعالى به فيما أحسب، وإلى الله المفزع " (القبسات، الطبع الجديد، ص 343، علم اليقين، الطبع القديم، ص 18).
نعم، اختلاق المعبود وصنع الآلهة هي سجية الإنسان من قديم الأزمان، فكانوا ينحتون ما يعبدون غالبا على أشكالهم حسب مزعمتهم أن آلهتهم شبيهون بهم حتى في العيون والأشجار، فلو أن البهائم كان في استطاعتها الترسيم والتجسيم
(٦٢)
الذهاب إلى صفحة: «« « ... 57 58 59 60 61 62 63 64 65 66 67 ... » »»
الفهرست
الرقم العنوان الصفحة
1 مقدمة الناشر 3
2 المقدمة 9
3 في وصف المتكلم 14
4 فساد قول المعتزلة 17
5 شك ودفع: في وحدة إرادة الله وعلمه 21
6 تنبيه عرشي 23
7 فساد قول الأشاعرة 25
8 المطلب الأول ما هو المهم مما استدل به الأشعري على مطلوبه الأمر الأول: ثبوت الطلب نفسي في الأوامر الامتحانية 27
9 الأمر الثاني: حول تكليف الكفار 41
10 إيقاظ 44
11 الفصل الأول: في عنوان المسألة 47
12 الفصل الثاني: في إبطال المذهبين 53
13 الفصل الثالث: في بيان المذهب الحق 65
14 تنبيه: في شرك التفويضي وكفر الجبري 70
15 إرشاد: في استناد الأفعال إلى الله 78
16 تمثيل 82
17 تمثيل أقرب 82
18 تأييدات نقلية 83
19 الآيات 83
20 الروايات 86
21 الفصل الرابع: في ذكر بعض الشبهات الموردة ودفعها 96
22 حول إرادية الإرادة 96
23 تحقيق يندفع به الإشكال 101
24 تنبيه 106
25 حول قاعدة: الشئ ما لم يجب لم يوجد 107
26 حول علم الله تعالى واختيار الإنسان 117
27 المطلب الثاني في بيان حقيقة السعادة والشقاوة الأمر الأول: حول قاعدة " الذاتي لا يعلل " 124
28 الأمر الثاني: في فقر وجود الممكنات وعوارضه ولوازمه 129
29 الأمر الثالث: استناد الكمالات إلى الوجود 132
30 الأمر الرابع: في معنى السعادة والشقاوة 132
31 التحقيق: كون السعادة والشقاوة كسبيتين 134
32 المطلب الثالث في شمة من اختلاف خلق الطينات منشأ اختلاف النفوس 142
33 تنبيه حول مفاد بعض الأحاديث 159
34 خاتمة حول فطرة العشق إلى الكمال والتنفر عن النقص 162