ثم القائلون بأنه جسم اختلفوا في أشياء، فالأول: أنهم في الصورة على قولين، منهم من قال إنه على صورة الإنسان ومنهم من لا يقول به. أما الأول فالمنقول عن مشبهة المسلمين أنه تعالى على صورة إنسان شاب، والمنقول عن مشبهة اليهود أنه على صورة إنسان شيخ.
والموضع الثاني من مواضع الاختلافات: أن المجسمة اختلفوا في أنه هل يصح عليه الذهاب والمجيء والحركة والسكون، فأباه بعض الكرامية وأثبته قوم منهم، وجمهور الحنابلة يثبتونه).
(وقال في المطالب العالية مجلد 1 جزء 1 ص 26: (إن المجسمة اختلفوا في أنه هل يصح عليه الذهاب والمجيء، القائلون بأنه نور ينكرون الأعضاء والجوارح مثل الرأس واليد والرجل، وأكثر الحنابلة يثبتون هذه الأعضاء والجوارح).
(وقال الخطابي في معالم السنن: 4 / 302: (مذهب العلماء والأئمة الفقهاء أن يجروا مثل هذه الأحاديث (أحاديث الصفات) على ظاهرها وأن لا يريغوا لها المعاني ولا يتأولوها لعلمهم بقصور علمهم عن دركها، وقد زل بعض شيوخ أهل الحديث حين روى حديث النزول ثم أقبل يسأل نفسه عليه فقال: إن قال قائل ينزل ربنا إلى السماء؟ قيل له ينزل كيف شاء، فإن قال هل يتحرك؟ فقال: إن شاء، وإن شاء لم يتحرك). انتهى.
وقد تبنى الخطابي بكلامه المذكور مذهب التفويض، وإن عبر بإجراء الصفات على ظاهرها، أي بإبقائها على ظاهرها بدون تفسير، وإنما أوردنا كلامه هنا لنبين أن هذا التعبير الذي جاء على لسان بعض المفوضة، كان البذرة لولادة المذهب الثالث، والقشة التي تمسك بها أصحابه فادعوا أن تعابير القدماء بإبقاء الآيات والأحاديث على ظاهرها، والتوقف على ظاهرها،