فقال علي بن أبي طالب عليه السلام: إن كتاب الله ليصدق بعضه بعضا ولا يكذب بعضه بعضا، ولكنك لم ترزق عقلا تنتفع به، فهات ما شككت فيه من كتاب الله عز وجل.
قال له الرجل: إني وجدت الله يقول: فاليوم ننساهم كما نسوا لقاء يومهم هذا، وقال أيضا: نسوا الله فنسيهم، وقال: وما كان ربك نسيا، فمرة يخبر أنه ينسى، ومرة يخبر أنه لا ينسى، فأنى ذلك يا أمير المؤمنين؟!
قال: هات ما شككت فيه أيضا.
قال: وأجد الله يقول: يوم يقوم الروح والملائكة صفا لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، وقال: قالوا والله ربنا ما كنا مشركين، وقال: يوم القيمة يكفر بعضكم ببعض ويلعن بعضكم بعضا، وقال: إن ذلك لحق تخاصم أهل النار، وقال: لا تختصموا لدي وقد قدمت إليكم بالوعيد، وقال: نختم على أفواههم وتكلمنا أيديهم وتشهد أرجلهم بما كانوا يكسبون. فمرة يخبر أنهم يتكلمون ومرة يخبر أنهم لا يتكلمون إلا من أذن له الرحمن وقال صوابا، ومرة يخبر أن الخلق لا ينطقون، ويقول عن مقالتهم: والله ربنا ما كنا مشركين، ومرة يخبر أنهم يختصمون. فأنى ذلك يا أمير المؤمنين، وكيف لا أشك فيما تسمع؟ قال: هات ويحك ما شككت فيه.
قال: وأجد الله عز وجل يقول: وجوه يومئذ ناضرة، إلى ربها ناظرة، ويقول: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير، ويقول: ولقد رآه نزلة أخرى عند سدرة المنتهى، ويقول: يومئذ لا تنفع الشفاعة إلا من أذن له الرحمن ورضي له قولا، يعلم ما بين أيديهم وما خلفهم ولا