يحيطون به علما. ومن أدركته الأبصار فقد أحاط به العلم. فأنى ذلك يا أمير المؤمنين وكيف لا أشك فيما تسمع؟!
قال: هات أيضا ويحك ما شككت فيه.......
فقال عليه السلام.... فأما قوله: وجوه يومئذ ناضرة إلى ربها ناظرة، فإن ذلك في موضع ينتهي فيه أولياء الله عز وجل بعد ما يفرغ من الحساب إلى نهر يسمى الحيوان فيغتسلون فيه ويشربون منه فتنضر وجوههم إشراقا فيذهب عنهم كل قذى ووعث، ثم يؤمرون بدخول الجنة، فمن هذا المقام ينظرون إلى ربهم كيف يثيبهم، ومنه يدخلون الجنة، فذلك قوله عز وجل من تسليم الملائكة عليهم: سلام عليكم طبتم فادخلوها خالدين، فعند ذلك أيقنوا بدخول الجنة والنظر إلى ما وعدهم ربهم، فذلك قوله: إلى ربها ناظرة، وإنما أراد بالنظر إليه النظر إلى ثوابه تبارك وتعالى.
وأما قوله: لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار، فهو كما قال: لا تدركه الأبصار، يعني لا تحيط به الأوهام. وهو يدرك الأبصار، يعني يحيط بها وهو اللطيف الخبير، وذلك مدح امتدح به ربنا نفسه تبارك وتعالى وتقدس علوا كبيرا، وقد سأل موسى عليه السلام وجرى على لسانه من حمد الله عز وجل: رب أرني أنظر إليك، فكانت مسألته تلك أمرا عظيما، فقال الله تبارك وتعالى: لن تراني ولكن أنظر إلى الجبل فإن استقر مكانه فسوف تراني، فأبدى الله سبحانه بعض آياته وتجلى ربنا للجبل فتقطع الجبل فصار رميما وخر موسى صعقا يعني ميتا، ثم أحياه الله وبعثه وتاب عليه فقال: سبحانك تبت إليك وأنا أول المؤمنين، يعني أول مؤمن آمن بك منهم أنه لن يراك أحد.