وفي الحديث الصحيح: ما من أحد يسلم عليه إلا رد الله علي روحي حتى أرد (عليه السلام). فظاهره يقتضي أن روحه الشريفة تفارق جسده الشريف وأنها بالسلام ترد...
يؤيد ذلك ما صح عنه صلى الله عليه وسلم من قوله: حياتي خير لكم، تحدثون ويحدث لكم، ووفاتي خير لكم تعرض علي أعمالكم، ما رأيت من خير حمدت الله ، وما رأيت من شر استغفرت لكم. وفي هذا الباب آثار كثيرة.
وأما شبهتهم في المنع من النداء لهم فقالوا: إن النداء والخطاب للجمادات، والغائبين، والأموات، من الشرك الذي يباح به الدم والمال، ولا حجة لهم في ذلك، فإن الأحاديث الصحيحة صريحة في بطلان قولهم هذا.
إنهم زعموا أن النداء للأموات والغائبين والجمادات يسمى دعاء، وأن الدعاء عبادة، بل هو مخ العبادة. وحملوا كثيرا من الآيات القرآنية التي نزلت في المشركين على الموحدين، وقد تقدم ذكر كثير من تلك الآيات ورد زعمهم فيها.
وهذا كله منهم تلبيس في الدين، فإنه وإن كان النداء قد يسمى دعاء كما في قوله تعالى: لا تجعلوا دعاء الرسول بينكم كدعاء بعضكم بعضا. لكن ليس كل نداء عبادة ، ولو كان كل نداء عبادة لشمل ذلك نداء الأحياء والأموات، فيكون كل نداء ممنوعا مطلقا، وليس الأمر كذلك، وإنما النداء الذي يكون عبادة هو نداء من يعتقدون ألوهيته واستحقاقه العبادة فيرغبون إليه ويخضعون بين يديه.
الذي يوقع في الاشراك هو اعتقاد ألوهية غير الله تعالى، وأما مجرد النداء لمن لا يعتقدون ألوهيته ولا تأثيره فإنه ليس عبادة...