تقع منهم الزيارة والتوسل، وتوصلوا بذلك إلى تكفير أكثر الأمة من العلماء والصلحاء والعباد والزهاد وعوام الخلق، والحق على خلاف ما يقولون ويزعمون.
أما تخيلهم أن منع التوسل والزيارة من المحافظة على التوحيد، وأن فعل ذلك مما يؤدي إلى الشرك، فهو تخيل فاسد باطل. فالتوسل والزيارة إذا فعل كل منهما مع المحافظة على آداب الشريعة الغراء لا يؤدي إلى محذور البتة.
والقائل بمنع ذلك سدا للذريعة متقول على الله، وعلى رسوله صلى الله عليه وسلم، وكأن هؤلاء المانعين للتوسل والزيارة يعتقدون أنه لا يجوز تعظيم النبي صلى الله عليه وسلم، فحيثما صدر من أحد تعظيم له حكموا على فاعله بالكفر والإشراك، وليس الأمر كما يقولون، فإن الله تعالى عظم النبي في القرآن الكريم بأعلى أنواع التعظيم، فيجب علينا أن نعظم من عظمه الله تعالى وأمر بتعظيمه.
الفصل الثاني شبهة إنكار الاستغاثة بالموتى والرد عليها:
كثر الخوض، واشتد الجدال، وحدث الانكار، ضد الاستغاثة بالموتى، ومنع النداء لهم، ظنا من المنكرين، أن سائر الموتى من الأنبياء، والمرسلين، والأولياء الصالحين، وعامة المؤمنين لمجرد انتقالهم من دار الحياة الدنيا، صاروا ترابا لا بقاء لهم في قبورهم، لا يسمعون ولا يدركون. بيد أن الحق على خلاف ما يزعمون، والصواب على غير ما يعتقدون.
والسنة الشريفة ترد عليهم زعمهم في صراحة قوية، وتبطل قولهم فيما جاء بها من أحاديث صحيحة.
أخرج البخاري ومسلم، وأصحاب السنن، من حديث ابن عمر قال: اطلع رسول الله صلى الله عليه وسلم على أهل القليب فقال: هل وجدتم ما وعدكم ربكم حقا....
وقال الله تعالى: ولا تحسبن الذين قتلوا في سبيل الله أمواتا بل أحياء عند ربهم يرزقون. فإذا ثبت هذا في الشهداء وهم من سائر الأمة في كل زمان، فلا شك أن الأنبياء من باب أولى.