الغنى وهو العظمة وهو المال، (إلى أن قال) فبين في هذا الحديث أصلين عظيمين أحدهما، توحيد الربوبية، وهو أن لا معطي لما منع الله ولا مانع لما أعطاه ولا يتوكل إلا عليه ولا يسأل إلا هو.
والثاني، توحيد الإلهية، وهو بيان ما ينفع وما لا ينفع، وأنه ليس كل من أعطى مالا أو دنيا أو رئاسة، كان ذلك نافعا عند الله منجيا له من عذابه، فإن الله تعالى يعطي الدنيا من يحب ومن لا يحب، ولا يعطي الإيمان إلا من يحب (إلى أن قال): وتوحيد الإلهية أن يعبد الله ولا يشرك به شيئا فيطيعه ويطيع رسله ويفعل ما يحبه ويرضاه.
وأما توحيد الربوبية فيدخل ما قدره وقضاه، وإن لم يكن مما أمر به وأوجبه أرضاه، والعبد مأمور بأن يعبد الله ويفعل ما أمر به وهو توحيد الإلهية ويستغفر الله على ذلك وهو توحيد له فيقول: (إياك نعبد وإياك نستعين) ا ه.
2 - وقال في الجزء الثاني من فتاواه ص 275:
فإن المقصود هنا بيان حال العبد المحض لله تعالى الذي يعبده ويستعينه فيعمل له ويستعينه، ويحقق قوله (إياك نعبد وإياك نستعين)، توحيد الألوهية وتوحيد الربوبية، وإن كانت الإلهية تتضمن الربوبية والربوبية تستلزم الإلهية فإن أحدهما إذا تضمن الآخر عند الانفراد لم يمنع أن يختص بمعنى عند الاقتران، كما في قوله: ( قل أعوذ برب الناس. الخ) فجمع بين الاسمين، فإن الإله هو المعبود الذي يستحق أن يعبد، والرب هو الذي يرب عبده ا ه.
3 - وقال في الجزء الثاني من منهاج السنة ص 62، بعد ثرثرة ذم فيها جميع فرق المسلمين من المتكلمين، مصرحا بأنهم عبدوا غير الله لجهلهم توحيد الألوهية وإثبات حقائق أسماء الله، ما نصه:
فإنهم قصروا عن معرفة الأدلة العقلية التي ذكرها الله في كتابه فعدلوا عنها إلى طرق أخرى مبتدعة فيها من الباطل ما لأجله خرجوا عن بعض الحق المشترك بينهم وبين غيرهم، ودخلوا في بعض الباطل المبدع، وأخرجوا من التوحيد ما هو منه