مثال ذلك: روى البخاري في صحيحه حديث (كان الله ولم يكن شئ غيره) وهو موافق لدلائل النقل والعقل والإجماع المتيقن، لكنه خالف رأيه في اعتقاده قدم العالم، فعمد إلى رواية للبخاري أيضا في هذا الحديث بلفظ (كان الله ولم يكن شئ قبله) فرجحها على الرواية المذكورة، بدعوى أنها توافق الحديث الآخر (أنت الأول فليس قبلك شئ).
قال الحافظ ابن حجر: مع أن قضية الجمع بين الروايتين تقتضي حمل هذه الرواية على الأولى لا العكس، والجمع مقدم على الترجيح بالاتفاق.
قلت: تعصبه لرأيه أعماه عن فهم الروايتين اللتين لم يكن بينهما تعارض...
مثال ثان: حديث أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بسد الأبواب الشارعة في المسجد، وترك باب علي (عليه السلام)، حديث صحيح، أخطأ ابن الجوزي بذكره في الموضوعات. ورد عليه الحافظ في القول المسدد.
وابن تيمية لانحرافه عن علي (عليه السلام) كما هو معلوم، لم يكفه حكم ابن الجوزي بوضعه، فزاد من كيسه حكاية اتفاق المحدثين على وضعه!!
وأمثلة رده للأحاديث التي يردها لمخالفة رأيه كثيرة، يعسر تتبعها.
رابعا: ونقول على سبيل التنزل: لو فرضنا أن القصة ضعيفة تطييبا لخاطر الألباني، وأن رواية ابن أبي خيثمة معلولة كما في محاولة ابن تيمية، قلنا: في حديث توسل الضرير كفاية وغناء، لأن النبي حين علم الضرير ذلك التوسل، دل على مشروعيته في جميع الحالات.
ولا يجوز أن يقال عنه: توسل مبتدع! ولا يحوز تخصيصه بحال حياته صلى الله عليه وسلم، ومن خصصه فهو المبتدع حقيقة، لأنه عطل حديثا صحيحا وأبطل العمل به، وهو حرام.
والألباني عفا الله عنه جرئ على دعوى التخصيص والنسخ لمجرد خلاف رأيه وهواه. فحديث الضرير لو كان خاصا به، لبينه النبي صلى الله عليه وسلم، كما بين