فإن الحاكم روى حديث الضرير من طريق عون مختصرا، ثم قال: تابعه شبيب ابن سعيد الحبطي عن روح بن القاسم زيادات في المتن والإسناد، والقول فيه قول شبيب فإنه ثقة مأمون، هذا كلام الحاكم، وهو يؤكد ما تقرر عند علماء الحديث والأصول أن زيادة الثقة مقبولة، وأن من حفظ حجة على من لم يحفظ!
والألباني رأى كلام الحاكم لكن لم يعجبه لذلك ضرب عنه صفحا، وتمسك بأولوية رواية عون الضعيف عنادا وخيانة.
ثالثا: تبين مما أوردناه وحققناه في كشف تدليس الألباني وغشه، أن القصة صحيحة جدا، رغم محاولاته وتدليساته، وهي تفيد جواز التوسل بالنبي صلى الله عليه وسلم بعد انتقاله، لأن الصحابي راوي الحديث فهم ذلك، وفهم الراوي له قيمته العلمية، وله وزنه في مجال الاستنباط.
وإنما قلنا إن القصة من فهم الصحابي على سبيل التنزل، والحقيقة أن ما فعله عثمان بن حنيف من إرشاده الرجل إلى التوسل، كان تنفيذا لما سمعه من النبي صلى الله عليه وسلم، كما ثبت في حديث الضرير.
قال ابن أبي خيثمة في تاريخه: حدثنا مسلم بن إبراهيم ثنا حماد بن سلمة أنا أبو جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة عن عثمان بن حنيف (رضي الله عنه): أن رجلا أعمى أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني أصبت في بصري فادع الله لي قال:
اذهب فتوضأ وصل ركعتين ثم قل: اللهم إني أسألك وأتوجه إليك بنبيي محمد نبي الرحمة. يا محمد إني أستشفع بك إلى ربي في رد بصري. اللهم فشفعني في نفسي، وشفع نبيي في رد بصرى. وإن كانت حاجة فافعل مثل ذلك. إسناده صحيح.
والجملة الأخيرة من الحديث تصرح بإذن النبي صلى الله عليه وسلم في التوسل به عند عروض حاجة تقتضيه.
وقد أعل ابن تيمية هذه الجملة بعلل واهية. بينت بطلانها في غير هذا المحل.
وابن تيمية جرئ في رد الحديث الذي لا يوافق غرضه، ولو كان في الصحيح!!