عبد الله الأنصاري قال: قال رسول الله عليه وآله: إذا وقع الولد في جوف أمه صار وجهه قبل ظهر أمه إن كان ذكرا وإن كان أنثى صار وجهها قبل بطن أمها، يداه على وجنتيه وذقنه على ركبتيه كهيئة الخزين المهموم، فهو كالمصرور منوط بمعاء من سرته إلى سرة أمه، فتلك السرة يغتذي من طعام أمه وشرابها إلى الوقت المقدر لولادته، فيبعث الله تعالى ملكا فيكتب على جبهته شقي أو سعيد مؤمن أو كافر غني أو فقير، فيكتب أجله ورزقه وسقمه وصحته، فإذا انقطع الرزق المقدر له من أمه زجره الملك زجرة فانقلب فزعا من الزجرة وصار رأسه قبل المخرج، فإذا وقع إلى الأرض وقع على هول عظيم وعذاب أليم، إن أصابته ريح أو مشقة أو مسته يد وجد لذلك من الألم ما يجده المسلوخ عنه جلده، يجوع فلا يقدر على استطعام ويعطش فلا يقدر على استسقاء ويتوجع فلا يقدر على الاستغاثة فيوكل الله به الرحمة والشفقة عليه والمحبة له أمه، فتقيه الحر والبرد بنفسها وتكاد تغذيه بروحها وتصير من التعطف عليه بحال لا تبالي أن تجوع إذا شبع وتعطش إذا روي وتعرى إذا كسي، وجعل الله تعالى ذكره رزقه في ثدي أمه في إحداهما طعامه وفي الأخرى شرابه، حتى إذا وضع آتاه الله في كل يوم بما قدر له فيه من الرزق، وإذا أدرك فهمه الأهل والمال والشره والحرص، ثم هو مع ذلك بعرض الآفات والعاهات والبليات من كل وجه والملائكة تهديه وترشده والشياطين تظله وتغويه فهو هالك إلا أن ينجيه الله تعالى، وقد ذكر الله تعالى نسبة الإنسان في محكم كتابه فقال عز وجل (ولقد خلقنا الإنسان من سلالة من طين * ثم جعلناه نطفة في
(٤٨)