قال: اعلمي أن عمي أبا طالب قد أشار علي أن يترك لي بعيرين أسافر بهما وبعيرين أصلح بهما شأني، والذهب والفضة يخطب لي بهما امرأة من قومي تقنع مني بالقليل ولا تكلفني ما لا أطيق.
فتبسمت خديجة وقالت: يا سيدي أما ترضى أني أخطب لك امرأة تحسن بقلبي؟
قال: نعم.
قالت: قد وجدت لك زوجة وهي من أهل مكة من قومك وهي أكثرهن مالا وأحسنهن جمالا وأعظمهن كمالا وأعفهن فرجا وأبسطهن يدا طاهرة مصونة تساعدك على الأمور وتقنع منك بالميسور ولا ترضى من غيرك بالكثير وهي قريبة منك في النسب، يحسدك عليها جميع الملوك والعرب غير أني أصف لك عيبها كما وصفت لك خيرها.
قال: وما ذلك؟
قالت: عرفت قبلك رجلين وهي أكبر منك سنا.
قال (صلى الله عليه وآله وسلم): سميها لي.
قالت: هي مملوكتك خديجة، فأطرق منها خجلا حتى عرق جبينه وأمسك عن الكلام، فأعادت عليه القول مرة أخرى وقالت:
يا سيدي ما لك لا تجيب؟ وأنت والله لي حبيب وإني لا أخالف لك أمرا، وأنشأت تقول:
يا سعد إن جزت بوادي الأراك * بلغ قليبا ضاع مني هناك