وراحلتين تصلح بهما شأنك وأما الذهب والفضة أخطب لك بها فتاة من نسوان قريش من قومك ثم لا أبالي بالموت حيث أتى وكيف نزل.
فقال: يا عماه افعل ما بدا لك.
فلما كان وقت الغداة اغتسل النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) من وعك السفر وتطيب وسرح رأسه ولبس أفخر أثوابه وسار إلى منزل خديجة فلم يجد عندها سوى ميسرة، فلما رأته فرحت بقدومه وجعلت تقول:
دنا فرمى من قوس حاجبه سهما * فصادفني حتى قتلت به ظلما وأسفر عن وجه وأسبل شعره * فبات يباهي البدر في ليلة ظلماء ولم أدر حتى زار من غير موعد * على رغم واش ما أحاط به علما وعلمني من طيب حسن حديثه * منادمة يستنطق الصخرة الصماء قال: ثم التفتت إليه وقالت: يا سيدي نعمت الصباح ودامت لك الأفراح هل من حاجة فتقضى؟
فاستحيا وطأطأ رأسه وعرق جبينه، فأقبلت عليه تلاطفه في الكلام ثم قالت: يا سيدي إذا سألتك عن شئ تخبرني؟
قال: نعم.
قالت خديجة: إذا أخذت الجمال والمال من عندي ما تريد أن تصنع به؟
قال لها: وما تريدين بذلك يا خديجة؟
قالت: أزيدك وما أقدر عليه.