ثم قالت: يا حبيبي أين خلفت الركب؟
قال: بالجحفة.
قالت: ومتى عهدك بهم.
قال: ساعتي هذه.
فلما سمعت خديجة كلامه اقشعر جلدها وقالت:
سألتك بالله إنك فارقتهم بالجحفة؟
قال: نعم ولكن طوى الله لي البعيد.
قالت: والله ما كنت أحب أن تجئ هكذا وحيدا إني كنت أحب أن تكون أول القوم وأنظر إليك وأنت مقدم الرجال وأرسل إليك جواري على رؤوس الجبال بأيديهم المباخر والمعازف وآمر عبيدي بالذبائح العقائر ويكون لك يوم مشهور.
قال: يا خديجة إني أتيت ولم يعلم بي أحد من أهل مكة فإن أمرتيني بالرجوع رجعت من هذه الساعة وتفعلين مرادك.
فقالت له: يا سيدي أمهل قليلا ثم عملت له زادا ساخنا فوضعته في مزادة، وكانت العرب تعرفه بنقائه وطيب ريحه وملأت له قربة من ماء زمزم وقالت له: ارجع أودعتك من طوى لك البعيد من الأرض.
فرجع النبي (صلى الله عليه وآله وسلم).
ثم إن خديجة رجعت إلى موضعها لتنظر هل تعود القبة أم لا، وإذا بالقبة قد عادت وجبرئيل قد نزل والملائكة قد أحدقوا بها كالأول،